إنَّ الموضوع الذي اختاره البابا لليوم العالمي للمريض المقبل، الذي يُحتفل به في ١١ شباط فبراير ٢٠٢٦، يضع في المحور شخصية الرجل الذي يعلّمنا أن “نحبّ من خلال أخذ ألم الآخر على عاتقنا”. الدائرة الفاتيكانيّة لخدمة التنمية البشرية المتكاملة: إن المحبة تحتاج إلى مبادرات قرب ملموسة، نأخذ من خلالها على عاتقنا آلام الذين يعيشون المرض، “وغالبًا في سياق من الهشاشة بسبب الفقر والعزلة والوحدة”.
“شفقة السامري: أن نحبّ من خلال أخذ ألم الآخر على عاتقنا”. هذا هو الموضوع الذي اختاره البابا لاوُن الرابع عشر لليوم العالمي الرابع والثلاثين للمريض، الذي سيُحتفل به في ١١ شباط فبراير ٢٠٢٦، في عيد العذراء مريم سيدة لورد. موضوع – كما ورد في بيان صادر عن دائرة خدمة التنمية البشرية المتكاملة – “يضع في المحور شخصية السامري الذي يُظهر المحبة باعتنائه بالرجل المتألم الذي وقع بين أيدي اللصوص، ويريد أن يسلّط الضوء على هذا البعد من المحبة تجاه القريب”. إنَّ المحبة في الواقع “تحتاج إلى مبادرات قرب ملموسة، نأخذ من خلالها على عاتقنا ألم الآخرين، ولا سيما أولئك الذين يعيشون حالة مرض، وغالبًا في سياق هشاشة بسبب الفقر والعزلة والوحدة”.
واليوم أيضًا، يقترب يسوع المسيح، “السامري الصالح”، كما يختتم البيان، من البشرية الجريحة لكي يصبّ، من خلال أسرار الكنيسة، “زيت العزاء وخمر الرجاء”، ملهمًا أعمالًا ومبادرات قرب ومساعدة تجاه الذين يعيشون في أوضاع هشّة بسبب المرض. إنها “ثورة المحبة” التي دعا إليها البابا لاوُن الرابع عشر في عظة القداس الذي ترأسه في ١٣ تموز يوليو الماضي في الرعية الحبرية للقديس توما دي فيلانوفا في كاستل غاندولفو، المكرّسة لرائد أحد “أجمل وأعمق الأمثال” في الإنجيل، والذي يتمحور حول الشفقة.
إنَّ العالم، الذي يبدو كأنه قد وضع الرحمة جانبًا وفقد القدرة على أن “ينفطر قلبه” أمام الذين يعيشون في الألم – كما شدّد البابا – يشبه نظرة الكاهن واللاوي اللذين إذ رأيا رجلًا جريحًا على حافة الطريق بعد أن وقع بين أيدي اللصوص “مالا عنه ومضيا”. أمّا نظرة الذي يرى “بعيني القلب”، «بتعاطف يجعله يدخل في حالة الآخر”، فهي نظرة السامري الصالح، صورة يسوع.
وتابع الحبر الأعظم يقول “على الإنسانية، اليوم أيضًا، أن تواجه ظلام الشر، والألم، والفقر، وعبثيّة الموت”. لكن الله “قد نظر إلينا بعين الرحمة، وأراد أن يسير هو نفسه دربنا، ونزل في وسطنا، وفي يسوع السامري الصالح جاء ليشفي جراحنا، ويصبَّ علينا زيت محبته ورحمته”. وأكّد البابا لاوُن الرابع عشر أن الرحمة والشفقة هما من صفات الله، وأن الإيمان به “يعني أن نسمح له بأن يغيِّرنا لكي يصير لنا نحن أيضًا قلب يتأثر، ونظرة ترى ولا تميل وتمضي، ويدان تسعفان وتضمدان الجراح، وكتفان قويتان تأخذان على عاتقهما من هو في حاجة”. وهكذا «بعد أن شفانا المسيح وأحبنا، نصبح نحن أيضًا علامات لمحبّته وشفقته في العالم”.
كما تطرّق البابا لاوُن الرابع عشر إلى موضوع مَثل السامري الصالح أيضًا في التعليم الأسبوعي خلال المقابلة العامة في ٢٨ أيار مايو الماضي، حيث شدّد مرارًا على أن الشفقة، والرعاية المحبّة تجاه الآخرين، والاهتمام بالقريب، يتمُّ التعبير عنهم “من خلال أعمال ملموسة”. فالسامري الذي يصفه الإنجيلي لوقا، – يشرح البابا – يتوقّف “ببساطة لأنه إنسان أمام إنسان آخر يحتاج إلى المساعدة”. وعلّق قائلاً: «إذا أردت أن تساعد أحدًا، لا يمكنك أن تفكّر بأن تبقى على مسافة، بل يجب أن تقترب، وتتسخ، وربما أن تتعرض للعدوى”. وهذا ما فعله السامري، الذي “ضمد جراح” الرجل الذي تُرك بين حيٍّ وميت “بعد أن صبَّ عليها زيتًا وخمرًا”. ثمَّ حمله معه، “أي أخذه على عاتقه، لأنه لا يمكننا أن نساعد الآخر حقًّا إلا إذا كنا مستعدّين لكي نشعر بثقل ألمه” – أضاف الحبر الأعظم يقول – ثم وجد له “فندقًا ودفع لصاحبه”، والتزم “أن يعود ويدفع المزيد إن لزم الأمر، لأن الشخص الآخر ليس مجرّد طرد نسلِّمه، بل هو شخص علينا أن نعتني به”.
وعلى النقيض، هناك سلوك الذين يمرّون بدون أن يتوقفوا، كما نفعل نحن حين لا تسمح لنا حياتنا السريعة بأن نكون شفوقين، ونظن أنه ينبغي أن نعطي الأولوية لمشاغلنا. “إنها العجلة، الحاضرة كثيرًا في حياتنا – ذكّر البابا لاوُن الرابع عشر – التي غالبًا ما تمنعنا من أن نشعر بالشفقة. فالذي يظن أن رحلته هي الأولوية لا يكون مستعدًّا لكي يتوقف من أجل الآخر”. لكن المَثَل يدعونا – خلص البابا إلى القول – لكي “نوقف رحلتنا” “ونتحلّى بالشفقة”، وهذا الأمر لا يمكنه أن يحدث “إلا حين نفهم أن ذلك الرجل الجريح على الطريق يمثّل كل واحد منّا، نحن الذين اعتنى بهم يسوع مرّات كثيرة”.
البابا لاوُن الرابع عشر، يكرِّس لـ *شفقة السامري* اليوم العالمي للمريض لعام ٢٠٢٦






