احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر برتبة تكريس مزار القدّيسين الإخوة المسابكيين، وبالقدّاس الإلهي بمناسبة الشهر المريمي، وذلك في كنيسة السيّدة “أم النور” في مبنى المجلس العام الماروني في المدوّر، بمشاركة القاصد الرسولي المونسنيور باولو بورجيا، والمطرانين غي بولس نجيم والياس سليمان. وقد عاون سيادته خادم رعيّة مار ميخائيل – النهر الخوري إيليّا مونّس والأب طوني خضرا الراهب الأنطوني، بحضور منفّذ لوحة الموزاييك للمزار الأب يوسف درغام، والنائبين غسان حاصباني ونديم الجميّل، والوزير السابق المهندس جو سركيس، وعميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، ورئيس المجلس ميشال متّى وأعضاء المجلس، ومديرَي مستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي الأخت هاديا أبي شبلي والبروفيسور بيار يارد، ورئيسة المؤسسة المارونية للانتشار السيدة روز شويري والمديرة العامة للمؤسسة السيدة هيام بستاني، ورئيس الجامعة الثقافية في العالم الأستاذ روجيه هاني مُمَثَّلًا بالسيد كريستيان نصر، ورئيس تجمع “موارنة من أجل لبنان” بول كنعان، وفعاليات سياسية واجتماعية ونقابية وثقافية.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: “حسن أن نكون في هذا المساء في هذه الكابيلا داخل مبنى المجلس العام الماروني للجمعيات الخيرية في بيروت لنحتفل بعيد سيدة الحصاد شفيعة هذا المكان ونطلب منها الحماية له ولأعضاء المجلس وعائلاتهم والشفاء للمرضى من بينهم والقوة ليستمروا في عمل الخير مع إخوتهم وأخواتهم وفي محبة ومرافقة “صغار هذا العالم” من مرذولين ومتسولين ومسجونين وأطفال وعجزة. ولرئيس وأعضاء المجلس، وللمسؤولين وأعضاء الجمعيات الخيرية في رعايا بيروت أقول:
هنيئًا لكم إذا عشتم دومًا بقرب الله الحاضر في الفقير فأطعمتموه وفي المريض فشجعتموه وعزيتموه وفي المسجون فزرتموه وفي العريان فكسوتموه.
هنيئًا لكم إذا عملتم بصمت وفي الخفاء لأن أبوكم الذي يرى في الخِفية سيجازيكم.
هنيئًا لكم إذا ما خجلتم من الوقوف إلى جانب المتسول، وما تجنبتم مجالسة المنبوذ، وما هربتم من معاشرة من يهرب الناس من معاشرته بسبب أحكامهم المسبقة وعنصريّتهم.
إخوتي وأخواتي رئيس وأعضاء المجلس العام، لكم تاريخ طويل في مجال الخدمة الإنسانيَّة والشكر الجزيل لكم على كلِّ ما فعلتموه حتى الآن. ولكنني أطلب منكم في هذا المساء أن تفعلوا أكثر وأن تضاعفوا جهودكم لأن الحاجات كبيرة. وأطلب منكم أن تصلّوا ليعطيكم الربّ القدرة حتى تلبّوا عَوَزَ من حولَكم إلى المحبّة وإلى الحضور المحبّ وإلى الإصغاء والعناية المجانيَّة. لا تسعوا خلف المجد الباطل ولا تضيّعوا وقتكم في ما لا خير فيه لأختكم ولأخيكم المحتاج والعجوز. ولا تتردّدوا في أن تخدموا في مجالات جديدة لم تألفوها. ساعدوا مثلًا الأمهات اللواتي تتحمّلن لوحدهنّ مسؤوليّة عائلة كاملة أو اعتنوا بالعجزة القابعين في مساكنهم وحيدين ومهملين نفايةً من أهلهم. واجهوا ثقافة النفايات التي تحدَّث عنها البابا فرنسيس. ولا تخجلوا من أن تشحذوا الغذاء والكساء والمال لغيركم، ففي هذا فخركم. والربّ يرى ما تفعلون.
أشكر حضرة رئيس المجلس الأستاذ ميشال متى على دعوته لي للاحتفال بهذا القداس وأشكر أيضًا من قدّم هذا المزار الجميل للإخوة المسابكيين الشهداء الذين منهم نتعلّم محبّة الله والقريب حتى بذل الذات. دُمنا جميعًا في خدمة صغار هذا العالم. آمين.”
وكانت كلمة لرئيس المجلس المهندس ميشال متى، قال فيها:” أهلًا وسهلًا بكم جميعًا في رحاب المجلس العام الماروني، وتحديدًا في كنيسة “أم النور” التي تحضننا اليوم في هذا اللقاء الروحي والمميز.
نلتقي في هذا المساء المبارك في حضرة السيدة العذراء، أمّ النور، لنكرّس معًا مزار القدّيسين الأخوة المسابكيين، في قلب هذا الشهر المريمي الذي يحمل معه بركة وطمأنينة ورجاء.
ونفتخر أن يحتفل بهذا القداس سيادة المطران بولس عبد الساتر، الذي نكنّ له كل المحبّة والإحترام، والذي لطالما كان صوته صوت ضمير، وموقفه موقف كرامة، ورسالته رسالة رجاء وسط هذا العالم المضطرب.
أهلًا بكم جميعًا، أنتم الذين أتيتم من مختلف المواقع والمقامات، وزراء ونوابًا حاليين وسابقين، ورجال دين وشخصيات وطنية وإجتماعية، حضوركم هو عربون محبّة لهذا المجلس العريق الذي يستعد لبلوغ عامه الـ١٥٠، وقد كرّس مسيرته في خدمة الإنسان والمجتمع من دون تمييز أو إنحياز، بروحٍ مارونيّة أصيلة وعقلٍ وطنيٍّ منفتح.
أيّها الأحبة،
نحتفلُ اليوم في زمنٍ يُزهرُ فيه الأملُ مجددًا…
فلبناننا يشهد بداية جديدة على كلّ الأصعدة: إنتخاب رئيس للجمهورية طال انتظاره،
تشكيل حكومة جديدة تعِد بإعادة إنتظام المؤسسات،
بلديات تقوم من غيبوبتها الطويلة وتنفض عنها الرقود وتنطلق إلى الحياة مجددًا بوجوه وأفكار جديدة،
وبوضعٍ أمنيٍّ يسعى إلى الإستقرار بعد سنوات من الشلل والمعاناة.
وفي الكنيسة، نحن أيضًا على موعد مع فجر جديد، مع إنتخاب الحبر الأعظم الجديد البابا لاون الرابع عشر على رأس الكنيسة الكاثوليكية، ليقود مسيرتها بروح الإيمان والرجاء في عالمٍ يحتاج إلى صوت الحقّ والرحمة.
هذه كلّها علامات زمن رجاء…
وزمن الرجاء هو الزمن الذي فيه تُبنى الشعوب، وتُعانق الطوائف بعضها البعض، وتُولد الأوطان من رحم المعاناة.
في هذه المناسبة، نجدد العهد أن يبقى المجلس العام الماروني خادمًا لكل محتاج، حارسًا للكرامة الإنسانية، رافعًا صوت العدالة، متمسكًا بالثوابت الوطنية والروحية التي تجمع ولا تفرّق.
نكرّس اليوم مزار القدّيسين المسابكيين، فليكن هذا المزار صخرةَ إيمانٍ، ومنارةَ رجاءٍ، وشهادةَ محبة.
ولتحفظنا العذراء مريم تحت سِترِ حمايتها، ولترافقنا شفاعة قدّيسي الكنيسة، لكي نبني معًا وطنًا يليقُ بأبنائه، ويستحقّ صلاتنا وتضحياتنا.
شكرًا لحضوركم، وكل شهر مريمي وأنتم بألف خير وبركة”.
المطران عبد الساتر : لا تخجلوا من أن تشحذوا الغذاء والكساء والمال لغيركم
