ترأس الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الاباتي إدمون رزق، القداس الاحتفالي في الذكرى السنوية السادسة والستين على استشهاد الاب جناديوس موراني في دير سيدة اللويزة – زوق مصبح.
وألقى رزق عظة جاء فيها: “هو حبيبنا الأب جناديوس موراني، الّذي نحتفلُ اليومَ في هذه الذبيحةِ الإلهيّةِ بذكرى وفاته السادسة والستّين. سقطَ الأب جناديوس موراني ضحيّة ثأرٍ، ليس له به أي ارتباط، ما عدا أنّه مسيحيّ، راهبٌ، كاهنٌ، شاهدٌ ليسوع ولتعاليمِه! ولكن لا يمكننا أن نتوقّفَ عند مقتلِه وفظاعةِ وبشاعةِ هذا الحدث: لأنَّ الأب جناديوس موراني كان حاضرًا ومستعدًّا لملاقاة الله! فهو، في حياته الرهبانيّة، قد تجرّد من كلِّ شيء، ما عدا الله. يقول في إحدى رسائله لأخيه: ” المأكل والمشرب والملبس الفاخر لا تملأ القلب. إنما حبَّ الله هو وحده الذي يفعم القلوب سلامًا وسعادة. كلُّ شيء باطلٌ في الحياةِ ما عدا محبة الله”.
أضاف: “هذا الراهبُ الشابّ، الّذي نظرَ يسوع في عينيهِ وأحبَّهُ، تركَ كلَّ شيء وتبِعَ الربَّ، ونذَرَ نفسَهُ بكليّتِها له. حتّى أنّه كرّسَ ذاتَه ” تضحيَة قربانٍ لحبِّ الله الرحوم” يومَ سيامتِهِ الكهنوتيّة. وهو مثالٌ لعيشِ النذوراتِ الرهبانيّة بصبرٍ وعمقٍ وفرحٍ وانتظار. “انتظار عودةِ الحبّ” كما يسمّي الرب. تمامًا مثل إنجيل اليوم، ينتظر مجيء ابن الإنسان في مجدِه، لكن لا للدينونةِ بل للمعونة. وهو يتفاءلُ بأنَّ الله المحبّة سيعودُ ليملك في كلِّ القلوب. يقول في رسالتِه السادسة الّتي كتبها لإخوةٍ له في الرهبانيّة: ” لم يعد صوتًا ما أدعوكم به، بل صرخةً. إنّ الله يصرخُ في قلوبِنا، الحبُّ يُلحّ، إنّه بحاجة لأن يفيض. عندما يُذَكّي يسوع نارَه في قلبٍ ما، يكونُ قصدُهُ إيصالَ تلك النار إلى قلوبٍ أخرى. إلهي، إنّ ما يقرّبُ نفسي منك خاصة، هو تنازلُكَ تجاه الضعفاء…”
وتابع: “الأب جناديوس موراني هو مثالٌ للمُربّي الصالح الّذي يزرعُ بذورَ الإيمانِ في النفوسِ العطشى والقلوبِ الفقيرة، ويسهرُ عليها سَهَرَ الأمِّ على أطفالِها. خاصّةً وأنّه قد اكتشف سرَّ الأمومة الروحيّة. وقد تكلّم عن هذا الموضوع بفرح كبير في كتابه “نشيد الحب” إذ قال: ” إن الله إذا وهبنا القدرة على إعطاء الحياة للنفوس، فيا له من شرف! ومن ثم يتوقّف علينا وحدنا أمرُ إعطاء الحياة للعديدِ من النفوسِ الّتي قد تصيرُ تحبُّ اللهَ وتحبُّنا إلى الأبد. من يدري؟ فربما كان هناك الآن عددٌ غفيرٌ من النفوس الّتي أعطيناها الحياة الروحية تتلقى غذاءَها اليوميّ من صلواتِـنا وتضحياتـِنا!.. متى كنّا أمّهاتٌ: لا نفكر بنفسِنا، بل نعملُ لأجل أبنائنا، ونتألّمُ من أجلِ أبنائِنا، ونُصلّي من أجلِ أبنائِنا ونبذل حياتَنا من أجلِهم….” في هذه الذبيحة الإلهيّة، الّتي نحتفلُ بها لذكرى وفاتِهِ، لا يسعنا إلاّ أن نشكرَ اللهَ على هذا الراهب المريميّ، الّذي حملنا جميعًا في صلاته، وقد وَلَدَنا نفوسًا ترتوي من حبِّ الله وتتشجع للقائه من خلال أسطر رسائلِه وصِدق تعابيره وفرح مشاركة اكتشافته في مسيرة الإيمان!”
وختم: “أسألكم أن تُصلّوا لرهبانية الأب جناديوس لكي تكون منارةً للنفوس الضائعة، ومرشدة للنفوس العطشى إلى حبِّ الله، وليتحقق رجاء جناديوس وانتظاره بأن يأتي الحُبّ ويملأ جميع القلوب، وتتحقق مملكة يسوع”.
قداس للرهبانية المارونية المريمية في ذكرى استشهاد الأب جناديوس موراني في دير سيدة اللويزة
