إحتفل المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة بالقدّاس بمناسبة عيد الشهيد إدنا، في كنيسة مار إدنا- تلة أرده، وذلك يوم الجمعة 11 تشرين الأوّل 2024، عاونه الخوري جان صعب خادم الرعية، الاب كليم التوني رئيس دير ومدرسة مار جرجس عشاش، المونسينيور سايد مرّون النائب الاسقفي الخاص لشؤون الكهنة مع لفيف من كهنة الابرشية وفعاليات سياسية وتربوية واختيارية وبلدية واجتماعية واعلامية.
بعد الانجيل المقدس شكر سيادته في بداية العظة، الخوري جان صعب على دعوته، في هذا المكان التاريخي المرتبط بأول مطران سكن الابرشية، المطران بولس موسى.
أضاف، نحن مجتمعون ليس لكي نتذكّر تاريخ ماضٍ ولكن حتى نُجدّد إيماننا اليوم أمام الرب يسوع الشهيد الأوّل، الكاهن، كاهن العهد الجديد، عظيم أحبار إعترافنا ونشكره على محبته ونشكره على فدائه ونشكره على خلاصه ونشكره أنّنا لا نزال مستمرّين من أيامه لقوافل الشهداء الأوائل لغاية اليوم وإلى الأبد كنيسة حيّة ممجّدة مقدّسة واحدة تشهد للرب يسوع.
قصة الشهيد إدنا، الجنديّ الذي كان يتبع الديانات الوثنيّة والذي بلحظة النعمة وهذه القصة الحقيقيّة بهذه الساعة التي من خلالها نال نعمة الرب يسوع وإكتشف أنّ كل المسؤولية الكبيرة بالجندية التي كان ينتمي لها لم تعطيه أي فرح، لم تعطيه أي معنى لحياته، كيف أنّه إنتمى إلى المسيح، إنتمى إلى الحياة في المسيح، وإعتنق الديانة المسيحيّة وأصبح جندياً ليسوع المسيح، وكيف أنّه أمام هذا الخَيَار الذي صنعه بحياته كان يلقى الكثير من الإضطهاد والكثير من العذاب والكثير من السخرية من القيّمين آنذاك ومن الناس التي تعرّفت عليه جندي عظيم فوجدته من تُبّاع يسوع الذين كان يُنظَر لهم بشكل من الحقارة وهو إرتضى كل هذا لأنّه إكتشف أنّه بالحياة الماضية التي كان يعيشها لم يكن فيها أي طعمة ولم يكن فيها أي لذّة، ولم يكن فيها أي معنى لحياته، وحقيقة عندما تعرّف على الرب يسوع وتعمّد بيسوع المسيح وجد السعادة الحقيقيّة، وليس هذا فقط، ولأجل يسوع ولأجل إسم يسوع إرتضى أن يُقدّم ذاته شهيداً من أجل يسوع المسيح، وإدنا يعني الألم الذي واجهه بقطع أُذنه وبإستشهاده بشكل كليّ أصبح شفيع الأشخاص الذين عندهم مرض بالأُذن. ولهذا تحولت هذه الكنيسة الى مزار للمنطقة.
وأكمل، أنا أريد أن أتوقّف وإياكم على المرض الموجود اليوم بعصرنا، المرض الحقيقي أنّنا اليوم لا نسمع بعضنا البعض ولا نسمع صوت الله بحياتنا، من جراء ضوضاء العالم وأصوات كثيرة موجودة بقلب العالم تمنعنامن الاصغاء الى همسات الروح القدس بداخلنا، بحياتنا، كما يقول المزمور: “اليوم إذا سمعتم وصوته فلا تُقسّوا قلوبكم”.
هنيئاً للإنسان الذي خلال النهار يكون عنده الخلوة، الصمت، اللقاء الشخصي بالرب يسوع ويسمع صوته بالكتاب المقدّس، بالصلاة العميقة، بالتأمّل الذي يقوم به الإنسان ومن خلاله يعود ويُجدّد علاقة الحب بينه وبين الرب وهذا يجعله أن يكون ثابتاً بالمسيح،
وشكر سيادته الرب على قديسيّ وشهداء القرون المسيحية الأولى ولكن أيضا على القديسين والشهداء الذين لا يزالوا يعيشون لغاية اليوم، ويُقال وهذه إحصاءات رسميّة أنّ آخر مائة سنة، يفوق كل العصور الماضية بعدد الذين استشهدوا لاجل المسيح، هذا يدل أنّ الكنيسة لا تزال تواجه إضطهاد وأزمنة صعبة،ولكننا ثابتون بقوة المسيح.
نحن أيضاً نعيش بوطننا نعيش ألماً وإضطهاداً، لا يزال مستمر من أيام مار إدنا لغاية اليوم ومن أيام الرسل لغاية اليوم بعناية إلهيّة وبتصميم إلهيّ يقول للمسيحيّين في لبنان والشرق، أنتم لستم موجودون هنا ومستمرّون بالصدفة، أنتم موجودون لأجل رسالة، رسالة الذي عُلّق على الصليب وإنتصر على الموت بموته وبقيامته، ولهذا الأهم شيء أن نكتشف دورنا.
وختم، هذه تلة أرده، عمرها ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح فيها آثار، فيها تاريخ عريق جداً وهذا يُحمّل أرده ويُحمّل الأبرشيّة مسؤوليّة كبيرة جداً، لنكون جدّيين بإيماننا، وحقيقة نشكر الربّ لأنّه دعانا حتى نكون شهود له، لموته ولقيامته مثل هذه القوافل العظيمة من الشهداء والقديسين، له المجد من الآن وإلى الأبد. آمين.
قداس عيد الشهيد ادنا في تلة ارده
