نشاط الكرمليين الحفاة في أفريقيا الوسطى. مقابلة مع الأب ماركو بوجي

تواجد رهبنة الكرمليين الحفاة في جمهورية أفريقيا الوسطى يعود إلى العام ١٩٧١، والرسالة التي يقومون بها في منطقة بوزوم، حيث تُسجل أعلى معدلات الفقر في البلاد، تهدف إلى توفير فرص جديدة للشبيبة، ويقول بهذا الصدد كاهن الرعية المحلية، الراهب الكرملي الإيطالي ماركو بوجي إن المرسلين يسعون إلى تربية الشبان والشابات كي يكونوا مستقلين وفاعلين ويعتنوا بأنفسهم.
قبل أن يصل الكرمليون الحفاة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى لأربع وخمسين سنة خلت قاموا بمراسلة الأساقفة المحليين مستفسرين منهم عن المناطق التي تحتاج أكثر من غيرها إلى المساعدة والدعم، ولدى وصولهم إلى البلد الأفريقي قاموا بإنشاء رعية بوزوم، والتي يخدمها حالياً الأب ماركو بوجي الآتي من إقليم ليغوريا الإيطالي. ويسعى هؤلاء الرهبان اليوم إلى متابعة مهمة الكرازة بالإنجيل التي بدأها أسلافهم، وهم يدركون تماما أنه بالإضافة إلى حمل البشرى السارة للسكان عليهم أيضا أن يساعدوهم على مواجهة آفات كالأمراض والجوع.
في حديث لموقعنا الإلكتروني قال الأب بوجي إن رعية بوزوم تصب اهتمامها في المقام الأول على الأنشطة الرعوية في المدينة، التي تعد زهاء ثلاثين ألف نسمة، نصفهم من الكاثوليك والنصف الآخر من البروتستنت، هذا بالإضافة إلى وجود أقلية مسلمة. ولفت إلى أن النشاطات الرعوية هذه تشمل أيضا القرى المجاورة، والتي يتخطى عددها الأربعين قرية، يتم بلوغها بواسطة طرقات يصعب سلوكها. وأشار إلى أن عملية الكرازة بالإنجيل تكتسب أهمية كبرى، لكنها تسير ببطء نظراً لهشاشة الإيمان لدى الناس، الممزوج غالباً بالتطير والمعتقدات الخاطئة وحتى الشعوذة، مضيفا أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الصبر.
وقال بوجي إن الرعية تقوم أيضا بنشاطات اجتماعية كثيرة، بالإضافة إلى تلك الرعوية، موضحا أن للرعية داراً للحضانة تضم مائتي طفل، ومدرسة ابتدائية يتردد إليها ثمانمائة تلميذ وأخرى ثانوية، تضم ثلاثمائة طالب، ناهيك عن دار للأيتام. وأشار إلى أن كل هذه الخدمات تُقدم بفضل مساعدة العديد من المحسنين في إيطاليا، من بينهم رعية تدعم ثلاثمائة يتيم تقريبا. وأضاف أن الأطفال والفتيان الأيتام دون الرابعة عشرة من العمر الذين لديهم أقارب وأجداد غالبا ما يمضون النهار لديهم، ويتوجهون إلى دار الأيتام للنوم أو للحصول على وجبات الطعام. كما أن الرعية تتحمل نفقات التعليم.
بعدها انتقل الكاهن الإيطالي إلى الحديث عن النشاطات التربوية التي يقوم بها الكرمليون الحفاة في جمهورية أفريقيا الوسطى، موضحا أن الرهبنة تدير حوالي عشرين مدرسة ابتدائية، لاسيما في القرى النائية حيث لا توجد مدارس رسمية. ولفت إلى أنه بفضل مساعدة العديد من المحسنين تقوم الرهبنة بدفع رواتب معلمي تلك المدارس الكاثوليكية المحلية. وأشار أيضا إلى وجود مستوصف، تعمل فيه راهبة كونغولية كممرضة، وهذا المرفق يقدم خدماته للعديد من الفقراء، ومن بينهم أشخاص مصابون بداء البرص، يعيشون أوضاعاً من الفقر المدقع. وأكد أن الرهبنة عملت العام الماضي على مشروع لحفر الآبار من أجل الحصول على مياه الشرب، أكان في المدينة أم في القرى المجاورة، وهذا المشروع سمح بقيام العديد من النشاطات الإنتاجية في المنطقة.
في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني اعتبر الأب بوجي أن أفريقيا يمكن أن تكون اليوم مستقبل الكنيسة، خصوصا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار التراجع الكبير في الدعوات إلى الحياة المكرسة في القارة الأوروبية. وقال إن رهبنة الكرمليين الحفاة افتتحت عام ٢٠٠٧ ديراً لها في العاصمة بانغي، ويضم الدير مدرسة يتعلم فيها الفلسفة الرهبان الكرمليون من أفريقيا الوسطى، هذا بالإضافة إلى مدرسة زراعية، توفر التنشئة للشبان وتمدهم بالمعارف الأساسية في مجال الزراعة وتربية المواشي.