أضاءت مطرانية سيدة النجاة في زحلة زينتها الميلادية، معلنة انطلاق زمن الميلاد بروح الصلاة والمحبة. واسهلت المناسبة بقداس احتفالي ترأسه رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران إبراهيم إبراهيم، بحضور ،نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، النواب جورج عقيص، سليم عون والياس اسطفان،، النائب والوزير السابق ايلي ماروني، النائب السابق شانت جنجنيان، المتروبوليت انطونيوس الصوري، المطران بولس سفر، المطران جوزف معوض ممثلاً بالأب شربل نبهان، رئيس مجلس ادارة ومدير عام شركة كهرباء زحلة اسعد نكد، المدير العام للشؤون الخارجية في مجلس النواب ورئيسة مجلس قضاء زحلة الثقافي كريستين زعتر معلوف، رئيس بلدية زحلة المعلقة وتعنايل سليم غزالة، رئيس بلدية زحلة السابق اسعد زغيب، رئيس بلدية قاع الريم غسان صليبا، رئيس بلدية تربل كابي فرج، رئيس بلدية المنصورة فادي الجاويش، قائد منطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي العميد نديم عبد المسيح، المساعد الأول لقائد منطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي العميد ادوار قسيس، قائد سرية درك زحلة العقيد جوزف حجار، قائد الشرطة العسكرية في البقاع العميد نصرالله نصرالله، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع منير التيني، مدير عام غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع يوسف جحا، رئيس المنطقة التربوية في البقاع يوسف بريدي، رئيسة مصلحة الصحة في البقاع بالإنابة جويس حداد، رئيس تجمع الصناعيين في البقاع نقولا ابو فيصل، رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة، المدير العام لمستشفى تل شيحا الدكتور مروان خاطر، مخاتير زحلة والجوار، كهنة الأبرشية وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس الذي تلاه المطران بولس سفر، كان للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن معاني عيد الميلاد المجيد والنور الذي اضاء العالم بميلاد السيد المسيح، ووجه تحية الى نكد شاكراً اياه على انارة مطرانية سيدة النجاة ومقام سيدة زحلة والبقاع، كما وجه تحية الى مؤسسة جوزف طعمة سكاف بشخص رئيستها ميريام سكاف التي اضاءت مستشفى تل شيحا فبدت وكأنها نجمة الميلاد على تلة من اجمل تلال زحلة.
وجاء في عظة المطران ابراهيم: “نحن نقترب من عيد الميلاد، والعالم يلمع بالأضواء والنجوم التي تزيّن الشوارع والبيوت، ولكن هذه الزينة الظاهرة ليست الا رمزاً لسرٍّ أعمق، سر النور الذي اشرق في الظلمة فبددها. في الميلاد لا نحتفل بمجرد ولادة طفل في بيت لحم، بل بولادة النور الأزلي في قلب التاريخ، النور الذي لا يطفأ، نور الله المتجسد في يسوع المسيح.”
واضاف: “تعرفون انه في سفر التكوين، عندما خلق الله كل الأشياء والخلائق، كان يقول بعد كل خلق ” ورأى الله ذلك انه حسن” ولما خلق النور قال الله ” ليكن نور” فكان نور. كلمة الله خلقت النور، وكلمة الله ليست بعيدة عنا، هي بيننا، هي يسوع المسيح، الكلمة التي بها خٌلق كل شيء وكان كل شيء. نحن نؤمن بأن الله نور من نور، قبل ظهور النور كان هناك نور. حين نرفع انظارنا الى النجم الذي قاد المجوس، ندرك ان هذا النور ليس من هذا العالم، فالنجم لم يضىء السماء فقط بل اضاء العقول وأضاء القلوب، لقد كشف للإنسان وجه الله الذي لم يعد بعيداً بل صار قريباً، طفلاً يحمل بين ذراعي امه، النجم لم يكن مجرد ظاهرة فلكية بل علامة روحية، دعوة الى ان نسير نحن ايضاً نحو الحقيقة، نحو ذاك الذي قال عن نفسه ” انا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة”.
وتابع: “قبل قانون الإيمان، وقبل ان يقول الآباء عن الله انه نور من نور، قال يسوع عن نفسه ” انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة “، لماذا اتحدث عن هذا الموضوع؟ الكثيرون ينتقدوننا ويقولون باننا اختصرنا عيد الميلاد بزينة وشجرة واضواء، وهذا امر غير مطابق للواقع، لأنه في الحقيقة الرموز لها قوة، والسر له قوة، لذلك نحن نؤمن بأننا عندما نزرع الأضواء والأنوار في عيد الميلاد، نشير الى الله بأنه نور من نور وبأن المولود هو نور العالم، من يتبعه لا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة. الفلسفة القديمة بحثت عن النور بوصفه رمز الحقيقة والوجود، فالنور هو ما يظهر الأشياء على حقيقتها، وبدون النور نبقى في الظلال لا نرى سوى اشباح المعاني، ولكن في الميلاد يتحول هذا المعنى الفلسفي الى واقع الهي ملموس، النور الذي كان فكرة اصبح جسداً، والحق الذي كان بعيداً صار انساناً. ما كان الفلاسفة يبحثون عنه في المجرّد اعطاه الله لنا في شخص يسوع الذي اتى ليبدد ظلمة الجهل والخطيئة.”
واردف: ” النور في الكتاب المقدس هو حضور الله. منذ البداية قال الرب ” ليكن نور” فكان النور، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف الله عن اشراق نوره في الكون وفي القلوب، لكن الإنسان بخطيئته فضّل الظلمة على النور كما يقول الإنجيل الذي يقول ” النور جاء الى العالم وأحب الناس الظلمة اكثر من النور لأن اعمالهم كانت شريرة” الظلمة ليست قوة توازي النور بل هي غيابه، كما ان البرودة ليست شيئاً قائماً بحد ذاته بل هي غياب للحرارة، كذلك الظلمة هي غياب للحضور الإلهي، غياب للحب وللحقيقة وليست اي غياب آخر. الإنسان الذي يبتعد عن الله يدخل في ظلمة قلبه، في قلقه، في مرضه، في وحدته، لكن الله لا يتركه هناك في الميلاد، الله يدخل ظلماتنا لينيرها من الداخل لا من بعيد بل من وسطها، في المغارة حيث الفقر والبرد والليل والعذاب والأم الصامت، هناك يشع النور الحقيقي. ان اضواء الميلاد التي تملأ المدن ليست الا صدى لذلك النور الذي غيّر وجه الأرض، ليست زينة عابرة بل علامة لسرٍّ ابدي ان الله ما زال يريد ان يضيء عالمنا المتعب، وان كل شعلة صغيرة تذكرنا بأننا نحن ايضاً مدعوون ان نكون انواراً.”
وتابع: “قال المسيح لتلاميذه: ” انتم نور العالم ” ليست هذه مجرد دعوة اخلاقية بل مشاركة في كيانه هو، فكما يستمد القمر نوره من الشمس، كذلك نحن نستمد نورنا من المسيح، هو النور ونحن انعكاسه. كل مرة نحب، نغفر، نزرع سلاماً، نحن نشعل نجمة في ليل هذا العالم. هل يا ترى نستطيع ان نقف للحظة ونسأل انفسنا : هل نحن في زمن النور ام في زمن الظلمة؟ يبدو ان بلادنا في زمن ظلمة بالرغم من كل الخير الموجود، وبالرغم من كل الإشارات الإيجابية، يبدو اننا ما زلنا في زمن ظلمة وأن قلب وطننا لبنان، بالرغم من انفتاحه على اشراقات النور، ما زال مغلقاً في انانية وفتور. النور لا يفرض نفسه بالعنف بل يستطع بالوداعة، كل الحلول العنيفة التي تطرح هي ضد السلام وضد الإستقرار، ضد الإنسان، لا يوجد حلول بالعنف. النجم الذي قاد المجوس لم يرغمهم على المسير، بل دعاهم وجعلهم يتركون اوطانهم ليجدوا الحقيقة، وهكذا نحن ايضاً لا نبلغ نور الميلاد ان بقينا في راحة الظلمة، بل حين نجرؤ ان نسير خلف النجم اي خلف الإيمان.
وفي نهاية المطاف النور هو وجه الله الذي يشرق في قلب الإنسان، النور الذي يجعلنا نرى الآخرين لا كخصوم بل كإخوة، يجعلنا نرى الألم لا كعقوبة بل كطريق خلاص، يجعلنا نرى الموت لا كظلمة نهائية بل كفجر حياة جديدة.”
وختم المطران ابراهيم: “فلنطلب في هذا العيد ان يضيء الرب عقولنا فنفهم، وقلوبنا فنحب، وأعمالنا فنشهد، ولتكن نجمة الميلاد والذين ساهموا في اضاءتها في هذه المدينة، حتى اصبحت زحلة اجمل من اي مدينة أخرى في لبنان، وهي تضاهي المدن العالمية في زينتها، وهذا امر يجعلنا نشعر بأن العيد هو بين ايدينا، هو في قلوبنا وفي عيوننا. عندما نرى كل هذا الجمال الذي خلقناه بأيدينا والذي صنعناه من اجل ان نعيّد هذا العيد، يصبح هذا العيد واقعاً ويصيح العيد جزءاً منا. الظلمة مهما كانت كثيفة لا تستطيع ان تغلب النور لأن النور الحقيقي أشرق والعالم لم يعد كما كان. نحن في هذه المطرانية بإمكانياتنا الضعيفة وجدنا انسان يقف الى جانبنا ويضيئها في العيد، هو المهندس اسعد نكد. اختار سيدة النجاة، وسيدة النجاة اختارته ليكون مضيئاً لهذا الصرح في هذا العيد، كما انه في كل سنة على عادته يضيئ بأضواء مميزة جداً مقام سيدة زحلة والبقاع. واستغل المناسبة لأشكره على وقوفه الى جانب كنائسنا والى جانبنا جميعاً في كل نشاطاتنا وفي كل خطواتنا. واتوجه لاشكر ايضاً الى مؤسسة جوزف طعمة سكاف بشخص رئيستها السيدة ميريام سكاف على اضاءة نجمة زحلة، مستشفى تل شيحا، التي قلعة من قلاع هذه المدينة مضاءة بأضواء رائعة جداً. وهنا آخذ المبادرة لأشكر كل من اطلق مبادرات لإضاءة مدينة زحلة في كل شوارعها، لكي تكون مدينة النور ومدينة الضوء. اشكركم على حضوركم اليوم، كما اشكر قدس النائب العام الأرشمندريت ايلي معلوف على تنظيم هذه المناسبة والقداس، النائب العام غالي جداً علينا ونشيط جداً، نشكر الله عليه وعلى الآباء الذين يشاركونني في هذا القداس الإلهي ، اشكر حضوركم وانشاء الله بعد القداس نطلق سوياً الزينة الميلادية في سيدة النجاة.”
وبعد القداس، انتقل الحضور إلى باحة المطرانية على انغام موسيقى مفوضية البقاع في جمعية الكشاف اللبناني، وحضور قادة وافراد فوج زحلة الرابع الذين صمموا المغارة الميلادية، وعلى انغام النشيد الوطني أُضيئت الزينة الميلادية. ثم انتقل الحضور الى قاعة المطران اندره حداد حيث تبادلوا التهاني بالعيد.
مطرانية سيدة النجاة في زحلة أضاءت زينتها الميلادية






