مداخلة الكرسي الرسولي في مؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين

كان التشديد على ضرورة الحوار والالتزام بالعمل من أجل السلام، التأكيد على كون حل الدولتين الطريق الوحيد والمنصف لحل النزاع، المطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة سكان غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن من بين ما تضمنته مداخلة مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة غابرييلي كاتشا في المناقشة العامة لمؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين. كما وجدد تأكيد الكرسي الرسولي على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
شارك مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة رئيس الأساقفة غابرييلي كاتشا في المناقشة العامة لمؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وبدأ مداخلته معربا عن تثمين الكرسي الرسولي لدعوة فرنسا والسعودية إلى عقد هذا المؤتمر، كما ووجه الشكر إلى رؤساء مجموعات العمل على ما تم القيام به من جهد. وواصل أنه وفي حقبة يُنظر فيها إلى القوة باعتبارها شرطا للسلام فيُفترض لهذا اللقاء أن يُذكِّر بأنه فقط من خلال الحوار الصبور والشامل يمكن بلوغ حل دائم للنزاع.
أشار المراقب الدائم بعد ذلك إلى المعاناة الإنسانية الرهيبة في المنطقة وقال في هذا السياق إن الكرسي الرسولي قد أدان هجوم السابع من تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢٣ كما وأكد أن الإرهاب لا يمكن أبدا تبريره، إلا أن الكرسي الرسولي يشدد في الوقت عينه على أن الحق في الدفاع عن النفس يجب أن يمارَس في سياق الحدود التي تفرضها ضرورة التناسب. وأكد رئيس الأساقفة كاتشا مخاوف الكرسي الرسولي الكبيرة أمام تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة سوءً. وأشار في هذا السياق إلى التبعات المدمرة على السكان المدنيين وخاصة إلى أعداد الأطفال الذين قُتلوا، كما وتوقف عند تدمير البيوت والمستشفيات وأماكن العبادة. وذكَّر هنا بالهجوم الذي تعرضت له رعية العائلة المقدسة في غزة والذي يشكل جرحا إضافيا للجماعة المعانية. وتابع أن هذا أمر مثير للقلق بشكل كبير خاصة وأن المسيحيين في هذه المنطقة قد لعبوا دورا كبيرا كحضور يعزز الاستقرار والحوار والسلام.
وتطرق رئيس الأساقفة من جهة أخرى إلى النزوح الجماعي وعدم توفر الخدمات الأساسية والجوع المتزايد، وأضاف أن ما يحدث يشكل صدمة للضمير الإنساني ويتطلب إجابة منسَّقة من قِبل الجماعة الدولية. ثم أكد المراقب الدائم مطالبة الكرسي الرسولي بوقف فوري لإطلاق النار، إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، إعادة جثامين المتوفين، حماية المدنيين الفلسطينيين في احترام للقانون الإنساني الدولي، وضمان الحصول على المساعدات الإنسانية بدون إعاقة.
وفي حديثه عن حل الدولتين أكد رئيس الأساقفة غابرييلي كاتشا قناعة الكرسي الرسولي أن هذا الحل، ومع قيامه على أساس حدود معترف بها دوليا، هو الطريق الممكن والمنصف الوحيد نحو سلام عادل ودائم. وتابع أن الكرسي الرسولي وفي دعمه لهذا الحل قد قام بخطوات هامة، فقد اعترف رسميا بدولة إسرائيل من خلال اتفاق أساسي سنة ١٩٩٣، كما واعترف بدولة فلسطين من خلال الاتفاق الشامل الذي يعود إلى سنة ٢٠١٥. وأكد رئيس الأساقفة أن الكرسي الرسولي يواصل التشديد على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، ومن بينها حق تقرير المصير، كما ويدعم الكرسي الرسولي حق الفلسطينيين في العيش في حرية وأمن وكرامة في دولة مستقلة وذات سيادة.
ثم كانت القدس نقطة أخرى تطرق إليها مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة، وقال في هذا السياق إنها مدينة لها أهمية عالمية دينية وثقافية، وهي مقدسة بالنسبة للمسيحيين واليهود والمسلمين. إلا أن مدينة القدس، واصل رئيس الأساقفة، تتطلب وضعا خاصا يتجاوز الانقسامات السياسية ويضمن الحفاظ على هويتها الفريدة. ولتحقيق هذا الهدف فإن الكرسي الرسولي يكرر نداءه من أجل وضع خاص يحظى بضمانات دولية قادر على ضمان كرامة وحقوق جميع سكان القدس ومؤمني الديانات التوحيدية الثلاث، المساواة أمام القانون لمؤسسات هذه الديانات وجماعاتها، حماية الطابع المقدس للمدينة والإرث الديني والثقافي الاستثنائي.
وأراد رئيس الأساقفة التشديد على ضرورة أن يضمن هذا الوضع الخاص لمدينة القدس حماية الأماكن المقدسة والحق في الوصول اليها بدون عوائق وممارسة العبادة فيها. وأوضح أن الوضع الخاص المرجو يجب أن يحافظ على الوضع القائم أينما كان هذا ممكنا. وأكد مراقب الكرسي الرسولي الدائم أنه لا يجوز أن يتعرض أحد في القدس إلى التحرش، وأعرب في هذا السياق عن الأسف أمام شعور المسيحيين في القدس القديمة بكونهم مهدَّدين بشكل متزايد.
أكدر رئيس الأساقفة في مداخلته بعد ذلك رجاء الكرسي الرسولي الصادق أن يساعد هذا المؤتمر على بناء الثقة وتعزيز الالتزام من قِبل جميع الأطراف بالسعي إلى السلام. ثم أراد مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة اختتام حديثه خلال المناقشة العامة لمؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بالتذكير بكلمات قداسة البابا لاوُن الرابع عشر حين كرر عقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي ٢٠ تموز يوليو نداءه من أجل إنهاء فوري لهمجية الحرب ومن أجل حل سلمي للنزاع. كما وأكد الأب الأقدس حينها أنه يجدد النداء الموجَّه إلى الجماعة الدولية من أجل الالتزام بالقانون الإنساني وضمان حماية المدنيين واحترام حظر المعاقبة الجماعية والاستخدام العشوائي للقوة والتهجير القسري للسكان.