كيف يعكس صليب البابا لاوون الرابع عشر هويّته الروحيّة؟

تلقّى البابا لاوون الرابع عشر في يوم انتخابه، في 8 مايو/أيّار، صليبًا يحتوي على ذخائر لبابا وثلاثة أساقفة أوغسطينيّين، فمَن هم؟
الصليب الصدريّ الفضّي الذي وضعه البابا لاوون الرابع عشر في يوم انتخابه قُدِّمَ هديّةً من جمعيّة «سيركولو سان بيترو» الرومانيّة. يحتوي الصليب على ذخائر لسلفه القدّيس لاوون الكبير، إلى جانب ذخائر للقدّيس أوغسطينوس، وأسقفَين من الرهبنة الأوغسطينيّة: القدّيس توما دي فيلانوفا والطوباويّ أنسيلمو بولانكو.
تأسّست «سيركولو سان بيترو» في روما عام 1869 على يد مجموعة شبّان بمباركة البابا الطوباويّ بيوس التاسع الذي عهد إليهم مهمّة كانت بسيطة في بدايتها: توزيع وجبات طعام على الفقراء. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الجمعيّة علامة ثابتة في المشهد الكنسيّ للعاصمة، تنشط في الأعمال الخيريّة وتخدم الكرسيّ الرسوليّ في مناسبات متعدّدة.
يحمل هذا الصليب الرمزيّ أبعادًا لاهوتيّة وشخصيّة عميقة بالنسبة إلى البابا لاوون الرابع عشر، إذ يجمع بين أربع شخصيّات، لكلّ منها صلة مباشرة بسيرة البابا نفسه.
يُعدّ القدّيس لاوون الكبير، المعروف أيضًا بالبابا لاوون الأوّل، من أبرز الشخصيّات في تاريخ الكنيسة المبكرة. اشتهَرَ بإسهاماته اللاهوتيّة الحاسمة، وبدوره القياديّ في خلال الأزمات، خصوصًا في مواجهة التهديدات العسكريّة والانقسامات العقائديّة. كما أدّى دورًا محوريًّا في ترسيخ مفهوم السلطة البابويّة داخل الكنيسة الجامعة، ما جعَلَ اسمه يُذكَر إلى اليوم بصفته أحد أعظم البابوات في التاريخ الكاثوليكيّ.
القدّيس أوغسطينوس هو أحد أعظم القدّيسين والمفكّرين في تاريخ الكنيسة الكاثوليكيّة، وتُعدّ تعاليمه حجر أساس في اللاهوت. ينتمي البابا لاوون الرابع عشر إلى الرهبنة الأوغسطينيّة التي تتبع روحانيّة هذا القدّيس، ما يُضفي على وجود ذخائره في الصليب بُعدًا يتجاوز الرمزيّة.
القدّيس توما دي فيلانوفا، رئيس أساقفة فالنسيا في إسبانيا في القرنَين الخامس عشر والسادس عشر، كان أيضًا من أبناء الرهبنة الأوغسطينيّة. وقد عُرف بالتزامه في مجال خدمة الفقراء وبعثات الكنيسة في «العالم الجديد». وتُجسّد هذه الشخصيّة جانبًا خاصًّا من هويّة البابا الحاليّ، إذ إنّه تخرّج في جامعة فيلانوفا التي سُمّيت تيمّنًا بهذا القدّيس.
أمّا الطوباويّ أنسيلمو بولانكو، أسقف ترويل في إسبانيا، فقد انضمّ إلى الرهبنة الأوغسطينيّة في سنّ مبكرة، وعُيّن رئيسًا إقليميًّا للرهبنة عام 1932. ومع اندلاع الحرب الأهليّة الإسبانيّة، اختار البقاء في أبرشيّته على الرغم من تصاعد الاضطهاد ضدّ الكاثوليك. اعتُقل عام 1938، وأعدِم في 7 فبراير/شباط 1939، قبل أيّام فقط من نهاية الحرب. تمّ تطويبه في 1 أكتوبر/تشرين الأوّل 1995 على يد البابا يوحنا بولس الثاني.
ويعكس كلّ واحد من هؤلاء القدّيسين جانبًا من هويّة البابا لاوون الرابع عشر.