كلمة المطران منير خيرالله في تسلّم خدمة رئاسة اللجنة الأسقفية للإعلام في المركز الكاثوليكي للإعلام.

أخواتي وإخوتي أعضاء اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام
أتوجه إليكم، ومن خلالكم إلى الإعلاميات والإعلاميين العاملين بتضحية وأمانة لخدمة الحقيقة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والذكية، في مناسبة تسلّمي خدمة رئاسة اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام خلفًا لسيادة المطران أنطوان نبيل العنداري السامي الاحترام ومن سبقه في هذه الخدمة من دون أن أنسى المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده المؤسس.
أشكر الرب عن كل واحد منكم وعنكم جميعًا للخدمات الجلّى التي أدّيتموها في السنوات الماضية. وأشكركم على تغطيتكم البنّاءة والمثالية لزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان؛ وقد تركت أثرًا كبيرًا في قلبه وأسهمت معه في إظهار وجه لبنان الحقيقي على أنه وطن رسالة، وطن العيش معًا في الحرية واحترام التعددية.
أبدأ معكم اليوم مشوارًا أتمناه مليئًا بالمحبة والاحترام والإصغاء المتبادل والتشاور لنقل الحقيقة إلى العالم باسم الكنيسة في سبيل بناء السلام العادل والدائم والشامل.
إنها القضية التي وضعها قداسة البابا لاوون الرابع عشر في أولويات حبريته منذ انتخابه في 8 أيار 2025؛ وهذا ما ردّده على مسامعنا في لبنان.
الرسالة السامية التي نحملها نحن الإعلاميين تقضي بالبحث عن الحقيقة بالمحبة واحترام كرامة الإنسان مهما كلّفنا الأمر، كما يقول البابا لاوون الرابع عشر:
« طوبى للساعين إلى السلام (متى 5/9). إنها تطويبة موجّهة إليكم أيها الإعلاميون بصورة خاصة، وتدعو كل واحد منكم إلى أن يلتزم ويحمل إعلامًا مختلفًا، لا يسعى إلى نيل الاستحسان بأي ثمن، ولا يلجأ إلى الألفاظ العدائية، ولا يسير بحسب منطق التنافس، ولا يفصل أبدًا بين البحث عن الحقيقة وبين المحبة التي يجب أن نتحلّى بها في سعينا المتواضع إليها. السلام يبدأ من داخل كل واحد منا: من الطريقة التي ننظر بها إلى الآخرين، والتي نصغي بها إليهم، ونتكلم عليهم. وبهذا المعنى، فإن اللغة التي نتواصل بها لها أهمية أساسية: يجب أن نقول “لا” لحرب الكلمات والصُوَر، لا لمنطق الحرب. (…)
من أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي تعزيزُ تواصلٍ قادر أن يخرجنا من برج بابل الذي نجد أنفسنا فيه أحيانًا، ومن فوضى اللغات الخالية من المحبة. لذلك فإن خدمتكم لها أهمية كبيرة بالكلمات التي تختارونها والأسلوب الذي تتّبعونه. فالتواصل ليس مجرّد نقل معلومات، بل هو خلق ثقافة وبيئات إنسانية ورقمية تصير مساحات للحوار والتلاقي ».
(البابا لاوون الرابع عشر في لقائه مع العاملين في وسائل التواصل والإعلام في 12 أيار 2025)
تعالوا نعمل معًا على الخروج من القوالب النمطية والمفاهيم العامة ونتبنّى بجرأة وشجاعة لغة المحبة المتجرّدة والمضحّية في سبيل إظهار الحقيقة، حقيقة الإنسان المخلوق على صورة الله كمثاله لكي نبني ثقافة المصالحة والسلام.
تعالوا « نجرّد وسائل التواصل، كما طلب البابا فرنسيس، من كل الإحكام المسبقة، ومن الضغينة والتعصّب والكراهية، ولنطهّرها من العدوانية. لسنا بحاجة إلى تواصل صاخب أو استعراضي، بل إلى تواصل قادر على الإصغاء، وعلى سماع صوت الضعفاء الذين لا صوت لهم. لننزع السلاح من الكلمات، فنساهم في نزع السلاح من الأرض ». وقال البابا لاوون في لبنان: « فلننزع السلاح من قلوبنا، ونُسقط دروع انغلاقاتنا العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاءات المتبادلة، فنبني معًا السلام العادل والدائم والشامل » (في قداس الواجهة البحرية، 2/12/2025).
تعالوا نختار معًا، بوعي وشجاعة، طريق تواصل يؤدّي إلى السلام.
نحن نعمل معًا ونسير معًا في خدمة كنيسة تريد أن تكون سينودسية، أي أنها تتبنّى المسار السينودسي الذي يقضي بالإصغاء والحوار والمشاركة والتمييز، للوصول إلى القرارات المناسبة لتمجيد الله وتحقيق ملكوته بين البشر.
تعالوا نضع معًا خارطة طريق تقوم على المبادئ التالية:
أولاً: المركز الكاثوليكي للإعلام ليس منبرًا لنا، أو لأي واحد منا، بل هو منبر الكنيسة ننقل عبره أخبار الكنيسة وتعاليمها بصدق وأمانة.
ثانيًا: وسائل التواصل والإعلام ليست وسيلة نستعملها لنظهر ذواتنا أو لننال الاستحسان بأي ثمن، بل لننقل الوقائع والأحداث بالحقيقة والمحبة باسم الكنيسة.
ثالثًا: اللغة والكلمات التي نستعملها في نقل الوقائع عليها أن تبني ثقافة المصالحة والسلام في مجتمعنا وعالمنا وتدعو إلى رفض الحقد والكراهية والحرب على أنواعها.
رابعًا: تنتدبنا الكنيسة لنكون رسلاً إعلاميين ولنؤدي خدمة سامية للحقيقة وللحق الذي هو ربنا يسوع المسيح.
باركنا الله في تأدية رسالتنا وخدمتنا للكلمة بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان وجميع قديسينا.