إسهام القديسَين فرنسيس ويوحنا دي ماتا مؤسسَي رهبنة الأخوة الأصاغر الديريين ورهبنة الثالوث الأقدس في الحياة الرهبانية، والمواضيع محور المجمَعين العامَين. كان هذا ما انطلق منه قداسة البابا اليوم الجمعة في كلمته إلى المشاركين في المجمعَين.
استقبل البابا لاوُن الرابع عشر يوم الجمعة ٢٠ حزيران يونيو المشاركين في المجمعَين العامَين لرهبنة الأخوة الأصاغر الديريين ورهبنة الثالوث الأقدس. وعقب توجيه التحية إلى الجميع قال قداسة البابا إن لقاءه معا الرهبان الفرنسيسكان ورهبان الثالوث الأقدس يُذكره بلوحة في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران تُصور البابا انوشنسيوس الثالث خلال استقباله القديس فرنسيس والقديس يوحنا دي ماتا معا، أي مؤسسَي الرهبنتين المذكورتين، لتكريم إسهامهما الكبير في إصلاح الحياة الرهبانية. وتابع البابا لاوُن الرابع عشر مشيرا إلى أن القديس فرنسيس يصوَّر في هذه اللوحة جاثيا على ركبتيه حاملا كتابا كبيرا وكأنه يقول للبابا: أيها الأب الأقدس أطلب منكم فقط عيش تعاليم الإنجيل كما هي. أما القديس يوحنا دي ماتا فهو واقف حاملا القانون الذي صاغه مع البابا. وقال الأب الأقدس إن القديس فرنسيس يُظهر طاعته للكنيسة مقدِّما مشروعه لا باعتباره مشروعه الشخصي بل كعطية إلهية، بينما يُظهر القديس يوحنا دي ماتا النص الذي تم إقراره بعد دراسة وتمييز باعتباره ذروة عمل ضروري لتنفيذ ما يوحي به الله. وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أن التصرفين، واللذين لا يوجد بينهما أي تناقض، ينيران أحدهما الآخر ويشكلان خطا توجيهيا للخدمة التي قام بها الكرسي الرسولي منذ تلك الفترة لصالح المواهب كافة.
لقد ألهم الله القديسَين، تابع الأب الأقدس، لا فقط مسيرة روحية هي مسيرة خدمة بل أيضا الرغبة في النقاش مع خليفة القديس بطرس حول الموهبة التي أعطاها الروح القدس لجعلها في خدمة الكنيسة. وواصل البابا أن القديس فرنسيس يعرض على البابا ضرورة اتباع يسوع بدون أي تحفظ وبدون أية أهداف أخرى وبدون غموض. وقد عبَّر القديس يوحنا دي ماتا عن هذه الحقيقة بكلمات تأكد كونُها أساسية وقد تبناها القديس فرنسيس. وأعطى هنا الأب الأقدس مثلا العيش بدون ترك أي شيء ذاتي أو تخبئة شيء في الجيوب أو في القلوب، وذلك حسبما ذكر البابا فرنسيس في كلمته خلال استقباله الجمعيات والجماعات المرتبطة بكاريزما الطوباوي غي دي مونبلييه في كانون الأول ديسمبر ٢٠٢٤. تحدث البابا لاوُن الرابع عشر أيضا عن الإشارة إلى ضرورة أن يصبح هذا التفاني خدمة، وأن يُعتبر الرئيس خادما أي أن يصبح هو الأكثر صغرا ليكون خادم الجميع. وأضاف قداسة البابا في هذا السياق أن كلمات يسوع حسبما يرويها متى الإنجيلي “ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكُم، فَلْيَكُنْ لَكم عَبداً” قد أثرت بالتالي على قاموس الحياة الرهبانية بكاملها.
وتابع قداسة البابا موجها حديثه إلى رهبان الثالوث الأقدس مذكرا بأنهم ولتحقيق هذه العطية أرادوا التركيز على هدف معهدهم، أي حمل العزاء إلى مَن لا يمكنهم عيش إيمانهم بحرية. وقال للرهبان إنهم قد حولوا هذه الرغبة خلال هذه الأشهر إلى صلاة انطلاقا من كلمات القديس بولس والتي ألهمت الموضوع محور المجمع العام للرهبنة: “نُطارَدُ ولا نُدرَك، نُصرَعُ ولا نَهلِك”. وأضاف البابا أنه يتحد معهم في هذه الصلاة ويسأل الله الثالوث أن يكون هذا من ثمار المجمع، أي ألا يتوقفوا عن أن يتذكروا في صلواتهم وفي نشاطهم المضطهَدين بسبب إيمانهم.
ثم تحدث البابا لاوُن الرابع عشر إلى الأخوة الأصاغر الديريين مشيرا إلى أن أحد أهداف مجمعهم القيام بتمييز حول قواعد المجامع العامة والإقليمية كي يتم التحدث فيها عن أمور الله. وأضاف قداسته أنه لا يجوز أن تحركنا مصالحنا الشخصية، بل علينا الإصغاء إلى الروح من أجل “كتابة المستقبل في الحاضر” وهو الموضوع محور المجمع العام. وتحدث قداسته هنا عن الاصغاء إلى الروح في صوت الأخ، في تمييز الجماعة والتنبه إلى علامات الأزمنة وتوجيهات التعليم. ثم دعا الأب الأقدس الأخوة الأصاغر الديريين، ومع مرور ٨٠٠ سنة على كتابة نشيد المخلوقات، إلى أن يكونوا بشكل فردي وفي الجماعة دعوات حية لأولية تسبيح الله في الحياة المسيحية.
قداسة البابا يستقبل المشاركين في المجمعَين العامَين لرهبنة الأخوة الأصاغر الديريين ورهبنة الثالوث الأقدس
