راعي أبرشية أوستراليا ونيوزيلاندا وأوقيانيا للموارنة في رسالة الميلاد: لانتخاب فوري لرئيس يصون الدستور ويقود حملة إنقاذ

وجه راعي أبرشية أوستراليا، نيوزيلاندا وأوقيانيا المطران أنطوان شربل طربيه رسالة إلى أبناء الكنيسة المارونية في أوستراليا لمناسبة عيد الميلاد، اعتبر فيها ان “ميلاد الرب يسوع هو ميلاد السلام”، وقال: “ان انتظارات شعب العهد القديم وأمانيه كانت تتلخص بالشوق إلى مجيء المسيح المخلص. وفي ملء الزمن تجسد ابن الله وحل بيننا، ورنمت ملائكة السماء ليلة ميلاده: “المجد لله في علاه والسلام في الأرض” (لوقا ٢: ١٤). واليوم، إذا ما سئلنا ما هي أولى تمنياتنا في ذكرى ميلاد الرب يسوع، فالجواب واحد: “السلام، السلام، أعطنا السلام يا رب السلام”.
اضاف: “جاء الرب يسوع، عمانوئيل، ليقول لنا إن الله معنا ويحبنا ويريد لنا الحياة، الحياة بوفرة، وهو دائما قريب من كل شخص منا. جاء ليعيد لنا حالة البنوة التي تدخلنا في حوار حياتي مع الله وبدالة الأبناء نصلي ونقول “أبانا الذي في السماوات”. جاء ليبشر بالسلام القريبين والبعيدين. جاء ليطلق ثقافة السلام وليسير معنا في أحزاننا وأفراحنا وليؤسس شعبا جديدا هو شعب السلام”.
وتابع: “ففي بداية رسالته العلنية وتحديدا في العظة على الجبل قال: “طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناء الله يدعون” (متى ٥: ٩). وفي ظهوره للرسل بعد قيامته قال لتلاميذه: “السلام لكم” (يو ٢٠: ١٩). وفي وصاياه الأخيرة لتلاميذه قال: “سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم ولست كالعالم أعطي” (يو ١٤: ٢٧)”.
واردف: “عالمنا يعاني اليوم، وبكل أسف، من صراعات وانقسامات وحروب كثيرة نتيجة للأحقاد والأطماع والأنانيات القاتلة وحب السيطرة من ناحية، ورفض الله وسلام الله الذي هو في المسيح يسوع من ناحية أخرى. ويأتي عيد الميلاد ليذكرنا بأن الطريق الوحيد للسلام الحقيقي والدائم هو في شخص يسوع المسيح وتعليمه. فهو الوحيد الذي بميلاده أحرز سلاما أفقيا بين الإنسان وأخيه الإنسان وسائر المؤمنين باسمه القدوس، وسلاما عموديا بين الإنسان والله من خلال حدث التجسد والموت والقيامة وانتصاره على الخطيئة والشر والظلام. وبنتيجة ذلك، لم يعد هناك من شر أو خطيئة أو ظلمة لا يقدر الرب يسوع أن ينتشلنا منها ويخلصنا من سطوتها علينا، “لأنه ليس على الله أمر عسير” (لو 1: 37)”.
وقال: “عيد الميلاد فرصة سنوية للجميع كي يجددوا التزامهم بالعمل من أجل السلام، ويشركوا الآخرين بالسلام النابع من قلب الله، ولكننا لا نستطيع أن نعطي ما لا نملك ونحن بالأكثر عاجزون عن إشراك الآخرين في سلام الله إن لم نكن قد اختبرنا هذا السلام وعشناه في حياتنا. نقرأ في سفر إشعيا: “رنمي أيتها السماوات وابتهجي أيتها الأرض، لأنه ولد لنا ولد، أعطي لنا ابن، دعي اسمه أمير السلام” (إشعيا ٩: ٦). أن نقول “نعم” لأمير السلام يعني في الوقت عينه أن نقول “لا” للحرب والسلاح، “لا” لدورات العنف والحرب السائدة. فالحرب فشل ذريع لإنسانية الإنسان، والأسلحة لا تبني السلام بل تدمره”.
أضاف: “أن نكون صانعي سلام يعني أولا أن نرفع الصوت باسم الذين لا صوت لهم، لا سيما الأطفال الأبرياء الذين يموتون من الجوع والعطش والحرمان، والمسنين والمعوقين والآباء والأمهات الذين تركوا لمصير مجهول، والنازحين الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها بلا منازل وملاجئ آمنة. أن نكون في الميلاد يعني أن نكون أدوات سلام ورجاء ومحبة في قلب عالمنا الموجوع”.
وتابع: “في هذا العيد من أجل بلدنا أوستراليا كي يتجدد الإيمان في القلوب والرجاء في النفوس وكي تبقى هذه الأرض وطنا لاحترام الإنسان والحريات الدينية والتعددية الثقافية والحضارية. نصلي أيضا من أجل وقف الحرب في العالم وخاصة في الشرق الأوسط ولكل ضحايا الحروب والنزاعات. نصلي لأجل الذين يعملون من أجل السلام ويقدمون المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وهم النور في ظلام النزاعات. كي يباركهم الرب ويمنحهم أجر عطاياهم حتى يظلوا شعلة أمل للمستقبل”.
وتوجه بالصلاة “للبنان ولشعبه المعذب حتى تكون مسيرة السلام التي انطلقت منطلقا حقيقيا للاستقرار ولبناء مستقبل أفضل”. وقال: “إن لبنان لا يريد الأسلحة والنزاعات بل الخبز والرجاء لأبنائه، لبنان لا يريد الفراغ المتعمد والمشبوه في رئاسة الجمهورية، بل انتخابا فوريا لرئيس يصون الدستور ويقود حملة إنقاذ باتت أكثر من ضرورية، لبنان لا يريد هجرة أبنائه وبناته بل يتمنى لهم البقاء في ربوع الوطن وبناء لبنان الجديد الذي يحلمون به”.
أضاف: “كنيستنا الكاثوليكية تستعد لانطلاق سنة يوبيل الرجاء ٢٠٢٥ كما أعلنها قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، والتي ستبدأ في ٢٤ كانون الأول، ليلة عيد الميلاد. أما الاحتفال الأساسي في أبرشيتنا فسيجرى في عيد أبينا القديس مارون في التاسع من شباط ٢٠٢٥ في كاتدرائية مار مارون – ردفرن. ومع إطلالة العام الجديد نتمنى أن يحمل للجميع منطلقات ثابتة للفرح والرجاء والسلام”.
وختم :”إلى مغارة بيت لحم تتجه عيوننا في هذا العيد، وبالطفل النائم في المذود نتأمل. هذا الطفل العجيب يدعونا للدخول في عالمه ليدخل السلام إلى عالمنا، لأنه كما قال القديس لاون الكبير: “ميلاد الرب يسوع هو ميلاد السلام”.