جيم كافيازيل خارج الجزء الثاني من فيلم “آلام المسيح”، فمَن سيلعب الدّور؟

بعد مرور أكثر من عقدَين من الزمن على فيلم ميل غيبسون “آلام المسيح” الذي هزّ شبّاك التذاكر العالمي وحرّك جيلاً من المؤمنين، بدأ أخيراً الجزء الثاني للمخرج، “قيامة المسيح”، الذي طال انتظاره، بالتّبلور – مع طاقم عمل جديد تماماً.
في التفاصيل التي نقلها القسم الإنكليزي من زينيت ضمن مقال بقلم خورخي إنريكي موهيكا، وفي خطوة فاجأت هوليوود والجمهور المتديّن على حدّ سواء، اختار غيبسون الممثّل الفنلندي جاكو أوتونين Jaakko Ohtonen ليتولّى دَور جيم كافيازيل. ويمثّل هذا الإعلان، الذي أكّدته مجلّة “فارايتي” وتردّد صداه لاحقاً في العديد من وسائل الإعلام، منعطفاً خلّاقاً محوريّاً لمشروع غارق في الأساطير.
يُعرَف أوتونين، البالغ من العمر 36 عاماً، لدى الجمهور بعمله في The Last Kingdom and Vikings: Valhalla، ويواجه الممثّل الآن المهمّة الشاقة المتمثّلة في لعب دَور المسيح القائم من بين الأموات في فيلم لا يسعى إلى تصوير المعاناة، بل إلى السموّ.
بدأ التصوير هذا الشهر في استوديوهات شينيسيتا في روما – وهي الاستوديوهات التي صوّر فيها غيبسون فيلم “الآلام” سنة 2002 – قبل أن يتوسّع إلى مواقع في جنوب إيطاليا، بما في ذلك ماتيرا، التي كانت شوارعها الحجريّة القديمة بمثابة القدس.
الفيلم من إنتاج شركة Icon Productions بالشراكة مع Lionsgate، وسيُعرض على جزئَين: العرض الأوّل يوم الجمعة العظيمة، 26 آذار 2027، والثاني في عيد الصعود، أي في 6 أيار. يُظهر الجزء الثاني سُكون القبر، متتبّعاً الأيّام الثلاثة الغامضة بين الصّلب والقيامة – وهي مساحة وصَفها غيبسون بأنّها “دراما غير مرئيّة، حيث يتقاطع الإيمان والخلود”.
في حين أنّ أداء كافيازيل المؤثّر في فيلم “الآلام” حدّد صورة المسيح لجيلٍ كامل، اختار فريق غيبسون إعادة ضبط إبداعيّة كاملة. وقد قال مصدر مقرّب من الإنتاج لمجلّة فارايتي: “كان من المنطقيّ إعادة بناء العالم من الصفر. لقد مرّ أكثر من عشرين عاماً، فيما تطوّرت التكنولوجيا ورواية القصص وتوقّعات الجمهور والطريقة التي يختبر بها الناس الإيمان على الشاشة”.
ومع ذلك، لم يكن القرار فنّيّاً فحسب: ففي سنّ الستّين تقريباً، كان كافيازيل سيحتاج إلى صورة مُعدَّلة مكلِفة لإعادة تمثيل دور يمثل المسيح البالغ من العمر 33 عاماً. وبحسب أحد المُطّلعين، فإنّ “هذا النوع من العمل الرقميّ – إعادة بناء الوجه وإزالة الشيخوخة – كان سيكون هائلاً. أراد غيبسون الأصالة، لا التكنولوجيا”.
ومع ذلك، أصبحت الأصالة الآن محور الجدل، إذ لا تزال معتقدات أوتونين الشخصيّة غير معروفة: لقد أثار حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي انتقادات من بعض المُعلّقين المُحافظين، فيما رأى آخرون أنّ الإيمان موجود في أماكن غير متوقّعة.
مِن ناحية أخرى، وبحسب ما أعلنته وكالة غيبسون، “يطبع هذا فصلاً جديداً في السّرد السينمائي عن حياة المسيح. ويُضفي أوتونين على الدور قوّة جسديّة وهدوءاً تأمّليّاً، وهي صفات تتجاوز اللّغة والعقيدة”.
من ناحية أخرى، سينضمّ إلى أوتونين فريق عمل جديد بالكامل: ستتولّى الممثّلة الكوبيّة مارييلا غاريغا (Mission: Impossible – Dead Reckoning) دَور مريم المجدليّة، والذي لعبته في الأصل مونيكا بيلوتشي؛ وستُجسّد النجمة البولنديّة كاسيا سموتنياك دَور مريم العذراء، على أن يظهر الممثّلان الإيطاليّان بيير لويجي بازينو وريكاردو سكامارسيو بدور بطرس وبيلاطس البنطي على التوالي. كما ينضمّ روبرت إيفرت Rupert Everett إلى فريق التمثيل، فيما وصفته المصادر بأنّه دور مساعد “مختصر ولكنّه حاسم”.
أمّا استبدال كافيازيل وبيلوتشي ومايا مورغنسترن – أي الشخصيّات التي برزت في “آلام المسيح” – فيطبع الانفصال النهائي بين رؤية غيبسون السابقة ورؤيته الجديدة الأكثر تأمّلاً. فبحسب ما قاله مؤرّخ سينمائي مُقيم في الفاتيكان: “هذا ليس مجرّد استمراريّة، بل هو استكشاف لما بعد القيامة – ما تعنيه القيامة ليس فقط للتلاميذ، بل للبشريّة جمعاء. تناول الفيلم الأول المعاناة؛ أمّا هذا الفيلم فيسعى للأمل”.
في الواقع، تعكس خيارات غيبسون الخلّاقة هذا التحوّل. فبينما كان فيلم “الآلام” عميقاً ومرتكزاً على وحشية الصليب، يهدف فيلم “القيامة” إلى شيء أقرب إلى الشِّعر اللاهوتيّ. ويصف المطّلعون اللقطات المبكرة بأنّها “مضيئة”، إذ تعتمد بشكل أقلّ على الواقعيّة التصويريّة وأكثر على الاستعارة البصريّة: الضوء والنَّفَس والصمت كوسائل للوحي.
نصل إلى جدول الإنتاج: هذا الأخير يوحي بإيقاع مُتعمَّد. فإصدار الجزء الأوّل يوم الجمعة العظيمة سنة 2027 والثاني في يوم الصعود، يربط بين أربعين يوماً من عيد الفصح – وهو قوس طقسيّ يعكس تطوّر السَّرد من الموت إلى المجد الإلهي.
أمّا بالنسبة إلى أوتونين، فقد يكون هذا الدّور مُحوِّلاً. قبل عقدَين من الزمن، حدّد تصوير كافيازيل مسيرته، وباعترافه هو، إيمانه. يبقى أن نرى ما إذا كانت رحلة أوتونين ستسلك مساراً مشابهاً. ومع ذلك، بالنسبة إلى غيبسون، يتجاوز صدى القصّة الممثّلين الذين يجسّدونها، إذ قال ذات مرة في مقابلة: “كانت قصّة آلام المسيح تدور حول ثمن الحبّ. أمّا القيامة فستدور حول قوّة هذا الحبّ – ما يتغلّب عليه وما يوقظه”.
إن نجحت رؤية غيبسون، فقد يجد الجمهور نفسه مرّة أخرى واقفاً على عتبة بين السينما والتأمّل – حيث تتلاشى المعاناة أمام الغموض، وحيث نشاهد مِن جديد قصّة مألوفة خلال عيون مختلفة.