“فلنوقد الرجاء، الاتصالات المختلفة ممكنة”، هذا هو عنوان الدورة العشرين لمهرجان الاتصالات والتي افتتحها الجمعة ٣٠ أيار مايو عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات باولو روفيني.
افتتح عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات باولو روفيني مساء الجمعة ٣٠ أيار مايو في مدينة فيرمو الإيطالية مهرجان الاتصالات والذي يبلغ هذا العام دورته العشرين، وقد اختير موضوعه “فلنوقد الرجاء، الاتصالات المختلفة ممكنة”. ومن بين ما تحدث عنه في مداخلته أهمية، بل ضرورة، ما وصفه بمحو الأمية في مجال التقنيات الرقمية الجديدة والذكاء الاصطناعي وذلك لكسب أدوات ضرورية لقراءة التنوع الإعلامي الكبير المتوفر في عالم اليوم وألا نجعله يدهسنا حسبما ذكر.
هذا وقد كان موضوع التأمل في أول أيام المهرجان، والذي يستمر حتى الأحد ٨ حزيران يونيو، “ما بين الاتصالات والإعلام”. وانطلقت الأعمال من رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي الـ ٥٩ للاتصالات الاجتماعية الذي احتُفل به في ٢٤ كانون الثاني يناير ٢٠٢٥، ومن كلمة البابا فرنسيس لمناسبة يوبيل العاملين في مجال الاتصالات في ٢٥ من الشهر ذاته، وأيضا من كلمة البابا لاوُن الرابع عشر خلال استقباله الصحفيين في ١٢ أيار مايو الجاري.
وفي كلمته سلط عميد دائرة الاتصالات الضوء على الحاجة الضرورية إلى مفهوم للاتصالات لا يقتصر على البعد الصحفي، وذلك لأن الاتصالات وحسبما ذكر روفيني لم تكن أبدا صحفية فقط بل أيضا فنية على سبيل المثال. وعاد هنا إلى كلمات البابا فرنسيس في ٢٥ كانون الثاني يناير المنصرم حين تحدث عن أن الاتصال يعني الخروج من الذات بعض الشيء لأعطي شيئا للآخرين، أي أن الاتصالات ليست أبدا مجرد خروج بل هي أيضا لقاء الآخر. وحذر البابا فرنسيس هكذا حسبما تابع عميد دائرة الاتصالات من السقوط في النرجسية، كما ودعا البابا حينها العاملين في مجال الاتصالات إلى التأمل في الحقيقة والتساؤل إن كنا نحن حقيقيين لا فقط ما نقوله، إن كنا في داخلنا حقيقيين. وتساءل روفيني بالتالي إن كنا في زمن الاتصالات الاستعراضية هذا أنفسنا بالفعل، أم أننا نسعى فقط إلى أن يتم الإصغاء إلينا.
وفي عودة إلى رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية ٢٠٢٥، والتي تمحورت حول تقاسم ما لدينا من رجاء بوداعة، توقف عميد الدائرة الفاتيكانية عند ما وصفها بواحدة من خطايا الصحفيين عبر التاريخ، أي تفضيل العناوين الجذابة معتقدين أن هذا سيجلب الكثير من القراء، إلا أن هذا يمكن أن يجعلنا غير قادرين على رؤية أفكار الآخرين. وتابع مذكرا بكلمات البابا لاوُن الرابع عشر عن اتصالات منزوعة السلاح.
ومن النقاط الأخرى التي أراد باولو روفيني تسليط الضوء عليها أهمية أن يرى الصحفي الشر ولكن هذا لا يعني أن يكون مشاركا فيه، وشدد على ضرورة أن يرى الصحفيون أنه يمكن أن تكون في الشر فرصة للتغيير أيضا. كما وشدد عميد الدائرة على أنه من المثير للسخرية ألا نستخدم تقنيات زمننا ولكن علينا أن نجد بُعدنا الخاص في هذه التقنيات. وتوقف روفيني أيضا عند المحبة باعتبارها أكبر وسيلة لنقل الواقع، كما وسلط الضوء على التسارع الكبير للتطورات التقنية وأضاف أننا سنكون في حاجة إلى الفلسفة وإلى التربية وإلى وضع قواعد للاقتصاد الرقمي أيضا حسبما ذكر، وتابع متحدثا بالتالي عن الحاجة إلى إدارة كل هذه المستجدات بمعايير أخلاقية.
هذا وقد تحاور عميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات خلال أول أيام المهرجان مع الصحفي الإيطالي الشهير إنريكو مينتانا والذي يتفق مع روفيني في تأكيد الحاجة إلى وضع قواعد جديدة لكل أنظمة الاتصالات. وتحدث مينتانا عن أننا لا نعرف كيف سيتطور الذكاء الاصطناعي لكننا نعرف أنه لا توجد هناك أية قواعد، ويعني هذا أننا لا نعرف إن كان هذا الذكاء الاصطناعي سيكون في خدمتنا. وحذر هنا من أن هذه التقنية يمكنها أن تفتح الطريق أمام أوضاع خطيرة على التعايش البشري وأن تحرف التاريخ، وأكد أنه لا يمكننا أن نترك الرقابة على هذه المستجدات بيد مَن ابتكرها. كما ودعا مينتانا جميع المؤسسات، بما في ذلك تلك الدينية أيضا، إلى التأمل معا في الكم المبالغ فيه من الاتصالات والذي يسطِّح كل شيء بسبب شبكات التواصل الاجتماعي. وفي رده على هذه الملاحظات شدد باولو روفيني على مسؤوليتنا عن تأسيس أنظمة اتصالات تأخذ بعين الاعتبار المعايير الأخلاقية. كما وأكد أهمية أن تقوم الكنيسة، والمدعوة أيضا إلى أن تكون منظومة بيئية للاتصالات، بإشراك الشباب وطلب مساعدتهم.
باولو روفيني يفتتح في مدينة فيرمو مهرجات الاتصالات
