مع اقتراب موسم الأعياد وحلول عيد الميلاد، يكرّر المطران بولس مطر دعوة البابا لاون الرابع عشر، الذي شدّد على السلام في لبنان وفي الشرق الأوسط، ويؤكد المطران مطر لـ”الديار” على أهمية هذه الدعوة، ويشير إلى أن هناك “محاولة لاسترجاع سيادة لبنان وأن يكون قائداً لنفسه بنفسه”، مشيراً إلى أن “الأمور كانت قد بدأت تتعقّد في لبنان مع اتفاق القاهرة، عندما سمح لبنان بأن تكون حدوده الجنوبية مصدراً وممرّاً لأعمال وحوادث بين دولتين وقّعتا هدنة فيما بينهما، ما معناه أن لبنان هو الذي أسقط الهدنة، وما زالت الأمور على حالها على الحدود، بعدما قامت كل الدول المحيطة بنا بالعمل على توفير الظروف، لتكون الحدود بينها وبين “إسرائيل” مستقرّة، بينما ما زال لبنان يواجه الموت، ونأمل أن نعود إلى مرحلة الهدنة”.
وعن قراءته للواقع المسيحي اليوم في لبنان، يقول إن “ما من جديد على هذا الصعيد، وخصوصاً أن رئيس الجمهورية يضطلع بدوره كحكم وحامٍ للوحدة بين اللبنانيين، وهو أمر جيد وفقاً لحكمته وإدارته للأمور، فيما أن المسيحيين موجودون في هذا البلد، ولكن هناك مشكلة متمثّلة بانتشار اليأس لدى الشباب، ما يدفعهم إلى الهجرة، ما يؤشّر إلى أمر سلبي وغير صحي”.
ويشير إلى أنه في كنيسة باريس، نلاحظ حضور ألف شاب لبناني لقدّاس عيد الميلاد، ما يعني وجود ألف شاب لبناني في العاصمة الفرنسية خلال الأعياد، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الكثير من المدن الأوروبية والأميركية والأوسترالية والبريطانية، فالهجرة تسجّل مستويات مرتفعة لدى المسيحيين، أكثر مما هو عليه الواقع لدى بقية الطوائف، وذلك بسبب حالة عدم الاستقرار. فالمسيحيون صامدون كما كل اللبنانيين في أرضهم، ولكنهم لا يشعرون بالراحة والأمان، فيما أن المسيحيين في سوريا والعراق يهاجرون بأعداد كبيرة. لذلك، يجب معالجة حالة عدم الإستقرار في لبنان، وذلك عن طريق تعزيز الوحدة الوطنية”.
وعن مفاعيل زيارة البابا لاون على اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، يرى أن “البابا لاون ينظر إلى لبنان، من خلال نظرته إلى الشرق الأوسط ككل، ويقول إن الحرب قد طالت في هذه المنطقة، وهي مستمرة منذ 70 عاماً، ويعتبر أنه آن الأوان للتفتيش عن السلام الذي يجب بناؤه حجراً بعد حجر، فيما البابا بينيديكتوس كان يعتبر أن الشرق الأوسط بحاجة إلى أمرين للسير في طريق السلام، أولاً الحرية الدينية المطلقة والمقبولة من الجميع، والثانية هي المواطنة والمساواة بين المواطنين في الأمور الأساسية في حياتهم، والبابا لاون الحالي يهتم بالسلام الذي يبدأ بالقلوب، لكي تحصل حركة في الشرق الأوسط تكون مناهضة لأي رفض للآخر وأي تطرّف، كالتطرّف الإسرائيلي أو الإسلامي أو المسيحي، بينما يجب على الجميع سلوك طريق الاعتدال والاعتراف بعضنا ببعض، فالمسيحية هي رسالة، والرسالة لا تعرف التطرّف، ولكن من يحمل هذه الرسالة قد يتعب أحياناً”.
وإذ ينفي المطران مطر وجود أي مخاوف على الوجود والدور المسيحي في لبنان، يعود ليؤكد على “انتشار اليأس بين المواطنين والقناعة، بأن البلد لن يتحسّن وسيبقى كما هو، ولكن ليس هناك أي خوف من اضطهاد ديني، بل على العكس فإن المسيحيين على علاقة جيدة مع العالم العربي، سواء في لبنان أو في الدول العربية والخليجية، والعيش المشترك في لبنان يعود إلى 1500 عام مضت، وليس جديداً”.
وعن رسالته الميلادية للبنانيين، يقول المطران مطر أنه “على جميع اللبنانيين أن يسمعوا كلام البابا لاون، وأن يتّفقوا فيما بينهم ويتعاونوا، من أجل تحقيق مصلحة لبنان وحمايته، والعمل على إعمار وطنهم وليس انتظار الغير لإعماره. وللمسيحيين أوجّه نداءً للسلام، وبخاصة أن المسيح دعا الناس لأن يحبّ بعضهم بعضأ وأن يغفروا لبعضهم بعضا، فكلام الرب هو المحرّك الأساسي للسياسيين وللقلوب، لكي نتمكن من خرق صمت الليل الذي يخيّم علينا ونصل إلى الصباح والحرية”.
المطران مطر لـ*الديار*: يجب العودة الى اتفاقيّة الهدنة وعلى الجميع سلوك طريق الاعتدال والاعتراف بعضنا ببعض






