في أبو ظبي، بمناسبة تسليم جائزة زايد للأخوة الإنسانية، يشارك النائب الرسولي لجنوب شبه الجزيرة العربية وسائل الإعلام الفاتيكانية تأمّله حول إيمان الجماعات المحلية: ليس قيمة مضافة بسيطة، بل “قوة للحياة” حقيقية. وفي ذكرى الوثيقة التي وقعها البابا والإمام الأكبر يقول: العيش وفق هذه الوثيقة ليس “يوتوبيا”، بل هو أمر “واقعي”.
الكنائس “المكتظة” والإيمان كـ “قوة للحياة” وليس مجرد قيمة إضافية: هذه شهادة المونسنيور باولو مارتينيلي، النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية، الذي حضر في أبو ظبي حفل تسليم جائزة زايد للأخوة الإنسانية. ويقدم صورة حية عن جماعة كنسيّة متنوعة ومتعددة الأعراق في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان واليمن، حيث يأتي المؤمنون من أكثر من مائة دولة، ويعيشون “بعمق خبرة الوحدة في التنوع”.
وفي مقابلة مع وسائل الإعلام الفاتيكانية، سلط مارتينيلي الضوء على السياقات المتنوعة التي يعمل فيها. بدءًا من الوضع “القاسي جدًا” في اليمن، الذي أنهكته حرب أهلية مستمرة منذ عشر سنوات، حيث لم يتبق سوى عدد قليل من المسيحيين، لكن الجماعة الكنسية تجد الدعم من راهبات الأم تيريزا دي كلكتا اللواتي “يقمن بعمل محبّة كبير”. ثم تأتي الجماعة “المهاجرة” في عمان، وأخيرًا الجماعة الأوسع في الإمارات العربية المتحدة. ورغم تعدد اللغات والثقافات والتقاليد الروحية والطقوس، إلا أنَّ الاحتفالات المسيحية تحظى بشعبية كبيرة إلى درجة أن استيعاب جميع المؤمنين في تسع رعايا موزعة في المنطقة يصبح أمرًا صعبًا. ويلاحظ النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية “المشاركة المكثفة” في دروس التعليم المسيحي، وكذلك تفاعل الآباء الذين “يتطلعون بشدة لنقل الإيمان إلى أبنائهم”. جماعات كنسية “مهاجرة”، يدعم فيها الإيمان الأفراد في حياتهم اليومية، وتستقبل الذين تركوا “كل شيء” في بلدانهم الأصلية. قيم مثل “البساطة” و”المثابرة” هي التي تُميِّز المشاركين في حياة الكنيسة المحلية، لكي يكونوا “شهودًا صادقين للإنجيل في هذا المجتمع”.
بالانتقال إلى الأحداث الراهنة، أشار المونسنيور مارتينيلي إلى الاحتفالات بمناسبة الذكرى السادسة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك في ٤ شباط فبراير ٢٠١٩، والتي شارك في صياغتها البابا فرنسيس والإمام الأكبر للأزهر أحمد الطيب. وثيقة “تزداد أهميتها” وتتجسد من خلال بيت العائلة الإبراهيمية، وهو مجمع ديني يضم كنيسة كاثوليكية أهديت للبابا فرنسيس من رئيس دولة الإمارات، إلى جانب مسجد وكنيس يهودي. ويعتبر هذا البيت أيضًا مقرًا للقاءات المسكونية التي “تساعد على السير معًا، والتعرف على التقاليد الدينية المختلفة واحترامها وتقديرها”. إنَّ العيش بفاعلية وفق هذه الوثيقة ليس “يوتوبيا”، بل هو أمر “واقعي”، يتضمن “مواجهة التحديات معًا” و”عيش جمال المسيرة المشتركة”.
في هذا السياق تأتي جائزة زايد للأخوة الإنسانية، التي انطلقت في عام ٢٠١٩ بعد توقيع الوثيقة خلال زيارة البابا الرسولية إلى الإمارات. وهذا العام، مُنحت الجائزة لمنظمة World Central Kitchen لتقديمها مساعدات غذائية للجماعات المتضررة من الأزمات الإنسانية، ولرئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي لجهودها الحاسمة في مواجهة التغيرات المناخية، والمخترع الأمريكي الإثيوبي هيمان بيكيلي البالغ من العمر ١٥ عامًا. تستلهم الجائزة من روح زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يعتبر “والد الأمة”، وصاحب رؤية واسعة تمكن من توحيد سبعة إمارات وإنشاء دولة “منفتحة ومتعددة الثقافات” تستضيف العديد من المهاجرين من خلفيات دينية وثقافية متنوعة.
المطران مارتينيلي: بين الإمارات وعمان واليمن، كنائس مهاجرين متحدة في التنوع
