المطران عبد الساتر : الزواج وتربية الأولاد مسؤوليّة كبرى تتطلّب الوقت والجهد وبذل الذات

ببركة وحضور راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر، نظم مكتب العائلة في الأبرشيّة، في أحد العنصرة، اليوم الأبرشي التاسع عشر للعائلات بعنوان “ورشة حبّ” في مدرسة الحكمة في برازيليا – بعبدا، في أجواء مليئة بالصلاة والفرح والرجاء.
واحتفل المطران عبد الساتر بالقدّاس الإلهي عاونه فيه منسق مكتب العائلة في الأبرشيّة الخوري روجيه سركيس والأب ميشال ماري بركات، بمشاركة النائب الأسقفي لشؤون القطاعات ورئيس المدرسة المونسنيور بيار أبي صالح والخوري يوسف أبي زيد، وبحضور نائبي منسق المكتب روبير ونجوى الخوري والأزواج المحتفى بيوبيلهم الذهبي والفضي، وحشد من العائلات من مختلف رعايا الأبرشيّة.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: “الزواج وتربية الأولاد مسؤوليّة كبرى تتطلّب الوقت والجهد وبذل الذات، ومهما كبر الأهل فإنهم يهتمون بأبنائهم وبأمورهم ولو أصبحوا بدورهم آباء وأمهات. ولكنّ المسيرة التي قررتم أن تمضوا بها كأزواج وكأهل لا تسيرون فيها لوحدكم بل بمعيّة الروح القدس، وعيد العنصرة الذي نحتفل به اليوم يذكّرنا بهذه الحقيقة. فكلّما ضاقت الدنيا بكلّ واحد منكم، ترفعون الصلاة إلى الربّ طالبين منه أن يلهمكم وأن ينير عقولكم وأن يعطيكم الحكمة والصبر، وهو يستجيب. حتى في أوقات الصعوبات الكبيرة والخلافات أحيانًا، فإنّ الروح القدس، الذي يعمل في قلوبكم منذ لحظة عمادكم، يجعلكم إلى جانب حبّكم لبعضكم البعض تستمرون. لا تخافوا، لأنّ الروح القدس سيكمل معكم مشوار عهدكم لبعضكم البعض حتى آخر الدرب، وكما ألهمكم وشجعكم في السابق سيلهمكم في الحاضر والمستقبل. لا تخافوا، لستم وحدكم ولن تكونوا أبدًا كذلك.
إنّ العالم الذي نعيش فيه يسعى إلى إفهامنا أنّ مَن لم يعد له نفع يجب أن يوضع على الهامش. لذا أقول للأولاد، وكلّنا أولاد لأب وأمّ، لا نستطيع أن نضع أهلنا على الهامش، ليس لأننا شرقيون بل لأننا أوّلًا مسيحيون، ولأن لآبائنا وأمهاتنا فضل علينا في ما بلغنا إليه.
صحيح أننا كلّنا نخطئ بحق بعضنا البعض، ولكنّ المهم أنه عندما يخطئ المرء بحق أحد والديه أو أحد أولاده أو شريك حياته أن يعتذر ويصحح. والبابا فرنسيس قال إنّ إحدى الكلمات الأساسية في حياة العائلة هي كلمة: أعتذر.
أنتم الذين تؤمنون بسرّ الزواج وبالعائلة واستمراريتها تعلمون جيدًا أن كل فرد منكم مدعوّ إلى حمل صليب المحبّة حتى يبلغ القيامة. أنتم أصبحتم أقليّة في هذا العالم الذي نعيش فيه والذي تسوده ثقافة اللامبالاة والاستلشاء والتفكك الأسري عند أوّل خلاف.
أطلب منكم أن تقفوا إلى جانب بعضكم البعض، بصلاتكم أوّلًا لأن الصلاة فاعلة، وباهتمامكم بأفراد أيّ عائلة تمرّ بأوقات عصيبة، على قدر ما يسمحون لكم، لتشجعوهم ولتحزنوا معهم ولتزرعوا في نفوسهم الرجاء والفرح ولتخففوا عنهم وتحملوا وزر الصليب معهم.
أشكركم لأنكم ما زلتم مستمرين في مشوار المحبّة بشكل مميز ولأنكم تشهدون للعائلة المسيحيّة وجمالها وحقيقتها، ولأنكم علامات حية على عمل الربّ في حياة كلّ إنسان. أصلّي على نيتكم جميعًا حتى بنعمة الربّ وبفعل الروح القدس تنموا إنسانيًا وروحيًا وتبقوا علامات مميزة، ملح الأرض ونور العالم. آمين”.
وفي ختام القدّاس الإلهي الذي خدمته جوقة بيت العناية الإلهيّة، كانت كلمة ألقاها نائبا منسق المكتب روبير ونجوى الخوري عبّرا فيها عن الامتنان لرعاية صاحب السيادة الأبويّة لرسالة المكتب، وللعائلات المشاركة والمنظمين.
من بعدها، جرى تكريم الأزواج المحتفلين بيوبيلهم الفضي والذهبي، تقديرًا لثباتهم في سرّ الزواج.
وتضمّن هذا اليوم الأبرشي لقاءَين بعنوان “السلام في العائلة”، قدّمهما بشارة حدّاد وهلا عبيد قساطلي من “جمعية إثراء – لبنان”، وورش عمل تفاعليّة حول التواصل والتحديات في الحياة الزوجية.
في موازاة ذلك، نُظِّمت نشاطات متنوّعة للأطفال والشبيبة، بإشراف راعويّتَيهم.
ووسط جوّ من الشكر والفرح، اختُتم هذا اللقاء الذي أكد على غنى العائلة ككنيسة بيتيّة مدعوّة إلى الشراكة والحبّ، وشاهدة حيّة لمحبّة الله في العالم.