احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك، سيادة المطران إبراهيم مخايل إبراهيم الجزيل الإحترام، بعيد النبي إيليا (مار الياس الحي)، بقداس إلهي ترأسه في كنيسة دير مار الياس الطوق في زحلة بمشاركة كاهن الرعية الأرشمندريت برنار توما، رئيس الكلية الشرقية الأب الدكتور شربل اوبا والأب ادمون بخاش، بحضور رئيس الدير الأب الياس الخوري وجمع كبير من المؤمنين.
في عظته، شدّد المطران إبراهيم على المعاني الروحية العميقة التي يجسّدها مار الياس، نبي النار والغيرة الإلهية، الذي لم يساوم على الحقيقة بل وقف مدافعًا عن الإيمان بالله الحيّ في وجه الانحراف والضلال. ولفت إلى أن زمننا اليوم بحاجة إلى شهود مثل إيليا، يتحلون بالشجاعة، ويتكلمون بجرأة الحق، ويُشعلون قلوب الناس بمحبة الله.
وجاء في كلمة سيادته:
” ✠ “حيّ هو الربّ الذي أنا واقف أمامه” (1 ملوك 17: 1) ✠
هذه الكلمات هي للنبي الياس
أبدأ أولا بشكر آباء الرهبانية الشويرية وقدس كاهن الرعية الأب برنار على دعوتي للاحتفال بهذا القداس في هذا العيد المميز. كما أشكركم أيها الأحبة، يا من جئتم تحت ظل مار إلياس الطوق، النبي الناري، لتحتفلوا بعيد من هو شعلة الحق وصوت الله في زمن الصمت عن الفساد… سلام الرب معكم! ولكن ليس سلامًا فاتراً، بل سلامًا يُشعل القلوب كما النار التي نزلت من السماء يوم طلب إيليا من الله أن يشهد له أمام أنبياء البعل.
مار الياس على عكس ما يخبر عنه الناس لأنه حامل سيف، اي انه رجل حرب، لكن مار الياس هو رجل سلام، سلام يشعل القلوب بنار المحبة وليس بنار البغضاء، بنار السماء وليس بنار الإرادة الإنسانية المريضة.
كم نحن بحاجة اليوم الى شهود على مثال مار الياس، يحملون سيف المحبة ويقضوا بالحق ويدافعوا عن المظلوم في بلد انقلبت فيه المقاييس واصبح اصحاب السلطة هم الفاسدون، ولا احد يستطيع مواجهتهم، اصبحوا يصرخون ضد الفساد اكثر من الناس. غيّروا مقاييس اللعبة وظهروا للناس وكأنهم ابرياء، والناس تصفق لهم وتتبعهم، ما الحل؟
الحل هو سيف المحبة، سيف مار الياس المدافع عن الحق. ”
واضاف ” إيليا النبي رجل الوقوف أمام الله، إنه الرجل الذي لم يتراجع، لم يُساوِم، لم يخف من الملوك ولا من الأنبياء الكذبة، بل وقف أمام الرب، وفي حضرته فقط ركع، لأن قلبه كان يحترق غيرةً على اسم الله الحيّ.
قال: «حيّ هو الربّ الذي أنا واقف أمامه»… وهذا هو سرّ إيليا! لم يكن واقفًا أمام الملوك بل أمام الله، لذلك لم تهتزّ ركبتاه قط.
أيها الإخوة، نحن في زمن فيه الناس يركعون أمام المال، والسياسة، والمصالح… أما نحن، أبناء مار إلياس، فلنركع فقط أمام الرب الإله!”
وتابع ” إيليا لم يطلب نارًا على ذاته، بل على المذبح! على ذبيحة الإيمان!
واليوم نسأل: أين مذابحنا؟ هل مذابح بيوتنا، وكنائسنا، وقيمنا ما تزال عامرة بالتقوى؟ أم تحوّلت إلى رماد الذكريات والطقوس الفارغة؟
لن تنزل نار الروح القدس على شعوب تعيش في البلادة، ولا على كنائس متقاعسة، ولا على جماعات باهتة تخشى أن تشهد للحقيقة! النار تنزل حيث يوجد إيمان، حيث يوجد قلب محترق، حيث يوجد إيليا جديد.
يا أبناء مار إلياس، لا تطلبوا نار السماء إن لم تكونوا مستعدّين أن تُقدّموا أنفسكم ذبيحة على مذبح الرب.”
واردف سيادته ” على جبل الكرمل صرخ إيليا وحده أمام جمهور من المرتدين. قال لهم:
“حتى متى تعرجون بين الفرقتين؟ إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه!” (1 ملوك 18: 21).
واليوم أكررها مع إيليا، في زحلة، من على هذا الجبل الطاهر:
“حتى متى تعرجون بين الفرقتين؟ بين الإيمان والخوف، بين القداسة والرياء، بين الصليب والترف؟”
زمن المساومة انتهى، ووقت الحسم قد بدأ. الكنيسة لا تحتاج إلى رماد الفاترين، بل إلى نار الذين يختارون الله، كل الله، ولا شيء سوى الله!”
وتابع ” مار إلياس لم يمت، إنه حي في صوت الضمير. وهذا يعني شيئًا رهيبًا: رسالة إيليا لم تنتهِ! رسالة المواجهة، رسالة النبوة، رسالة التوبيخ، رسالة رفع الصوت في وجه الملوك، ورسالة إعلان الحق حتى الموت.
فيا يا شعب الرب، عُد إلى نيران إيليا!
كفى سباتًا! كفى تهاونًا! افتحوا الأبواب للرب القائم! لا تخافوا أن تصرخوا بالحق، فصوت إيليا لا يزال يهتف في البرية: «ارجعوا إلى الرب إلهكم، فقد ضللتم عنه كثيرًا!»”
وختم المطران ابارهيم عظته بصلاة قال فيها ”
يا رب، لا تعطنا كنيسة راكدة، بل كنيسة مشتعلة!
لا تعطنا قلوبًا باردة، بل قلوبًا كقلب إيليا، تحترق غيرةً عليك!
لا تعطنا شعبًا يلهث وراء البعل الحديث – المال، الشهرة، الكذب – بل أعطنا رجالًا ونساءً يركعون لك وحدك!
أرسل إلينا نارك، لا نار دمار، بل نار تطهير وتجديد وإشعال!
في عيدك يا مار إلياس، نعدك ألا نكون صامتين!
بل شهودًا، ناريين، يقفون أمام الرب وحده، حتى الممات. آمين.
بعد القداس انتقل المطران ابراهيم والكهنة والحضور الى صالون الدير حيث تبادلوا التهنئة بالعيد.
المطران ابراهيم احتفل بعيد مار الياس : نحن بحاجة اليوم الى شهود على مثاله
