الكاردينال ماكريكاس: لقد دخل البابا فرنسيس قلوب المؤمنين لأنه كان واحدا مع المسيح كما الغصن في الكرمة

ترأس الكاردينال رولاند ماكريكاس قداسا إلهيا في بازيليك القديسة مريم الكبرى الأربعاء ٢١ أيار مايو لمناسبة مرور شهر على عودة البابا فرنسيس إلى بيت الآب.
مع مرور شهر على وفاة البابا فرنسيس في ٢١ نيسان أبريل الماضي ترأس الكاردينال رولاند ماكريكاس رئيس بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما قداسا إلهيا في البازيليك حيث اختار البابا أن يكون قبره. وفي عظته انطلق من قراءة اليوم التي تنقل كلمات يسوع حول الكرمة والأغصان، وقال الكاردينال إن يسوع ينطق بكلمات قوية وذلك في إشارة إلى قول المعلم: “اُثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم. وكما أَنَّ الغُصنَ، إِن لم يَثْبُتْ في الكَرمَة لا يَستَطيعُ أَن يُثمِرَ مِن نَفْسِه، فكذلكَ لا تَستَطيعونَ أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ. أَنا الكَرْمةُ وأَنتُمُ الأَغصان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي يُثمِرُ ثَمَراً كثيراً لأَنَّكُم بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئاً”.
وواصل الكاردينال ماكريكاس أن حياة الشركة العميقة مع يسوع هي اليقين الذي يمكننا أن نحقق من خلاله مشيئته، أي الخير الأفضل لنفوسنا وللعالم بأسره. وشدد على أن يسوع يخبرنا بأننا بمعزل عنه لا نستطيع عمل شيء وأضاف أنه يقول هذا بمحبة كبيرة ولكن أيضا بوضوح كبير. ولفت رئيس البازيليك الأنظار إلى أنه قد يكون لدينا في بعض الأحيان الانطباع أو الوهم أو الميل إلى الاعتقاد أن بإمكاننا عمل أشياء كثيرة بمفردنا، وذلك أيضا بدون الله. وتابع أن يسوع لم يقل كلمات غير مفيدة بل لقد كان شديد الوضوح وعلينا أن نأخذ كلماته مأخذ الجد وذلك لأن فيه الحقيقة وليس الوهم. “بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئاً، بينما معي يمكنكم عمل الكثير، يمكنكم أن تفعلوا كل شيء، أضاف الكاردينال.
وأراد نيافته هنا الإشارة إلى مَثل الكثير من القديسين الذين وباتحادهم مع المسيح تمكنوا من عمل أشياء عظيمة وقدموا للكنيسة وللبشرية بأسرها ثمار خير مدهشة. وتابع أن كلمة الله تساعدنا على فهم علاقتنا بالله وعيشها، فنحن أغصان ملتصقين بالكرمة. وأضاف رئيس البازيليك أن كلمات يسوع تساعدنا أيضا على فهم وعيش علاقتنا بالآخرين وذلك لأننا جميعا جزء من كرمة الرب الواحدة، الكرمة التي يعتني بها الرب وروحه القدوس. وشدد في هذا السياق على أن الإيمان بيسوع ومحبتنا أحدنا للآخر يعنيان عيش وصيته كي نكون في الله.
وتابع الكاردينال رولاند ماكريكاس أن بإمكاننا التفكير في الكثير من الأشخاص الاستثنائيين، القديسين الكبار وقديسي الحياة اليومية، وتحدث عن التأثر بشهادات أشخاص كُثر يجددون الاقتراب من الرب، حتى بعد خبرات قاسية جدا، فيفعلون خيرا كثيرا. وأضاف أن بالإمكان عمل الكثير وإعطاء ثمار كثيرة في حال البقاء ثابتين في ربنا، وحتى مجرد خدمة بسيطة ومتواضعة لها قيمة كبيرة في عينَي الله، قال الكاردينال تابع أنه وفي المقابل ففي كل مرة نمنح فيها الأفضلية لخططنا البشرية لا نجني شيئا.
توقف رئيس بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما بعد ذلك عند ما وصفه بيوم له أهمية خاصة حيث نتذكر موت البابا فرنسيس قبل شهر بالضبط، وقال إن كلمات يسوع هذه ومع تذكرنا للبابا فرنسيس تصبح بالنسبة لنا أكثر حيوية ووضوحا. فالبابا فرنسيس وعقب حياة طويلة مكرسة بكاملها لخدمة شعب الله، ككاهن وراهب يسوعي، أسقف ثم بابا، قد انتقل إلى كمال الحياة، واليوم وفي عناق متواصل ومحب من قِبل أهل روما ومؤمني العالم كله يستريح في هذه البازيليك المريمية. وأضاف نيافته: النفس في بيت الآب والجسد في بيت مريم، كم هو جميل هذا.
وواصل الكاردينال رولاند ماكريكاس متوقفا عند حياة البابا فرنسيس وعمله الرسولي فقال إنهما قد حملا، وما زالا يحملان، ثمارا كثيرة للكنيسة، وذلك لأن حياته كانت ملتصقة دائما بيسوع كغصن ثابت في الكرمة. إن كلمات البابا وأفعاله قد دخلت بعمق قلوب المؤمنين لأنه كان بالفعل واحدا مع المسيح بشكل لا يعرف الانفصال، في الفرح وفي الألم، كغصن في كرمة. لقد كان كلٌّ من أيامه يبدأ بالتعبد والاحتفال الإفخارستي والصلاة الشخصية، ويبدأ أيضا بإيكالٍ يومي للحماية الأمومية لمريم أم الله. وتابع رئيس البازيليك أن الكنيسة بكاملها ولاثنتي عشرة سنة قد تمكنت بأشكال كثيرة، من خلال لفتات البابا فرنسيس الهامة وكلماته الحكيمة وابتسامته البراقة، من اختبار قرب الله، حنانه ورحمته. ثم توقف نيافته عند رؤيتنا بتأثر منذ شهر تدفقا لا ينتهي لأشخاص ينتظرون بصبر الدخول إلى هذه الكنيسة لرغبتهم في الإعراب عن الامتنان على كل ما خلفه البابا فرنسيس، على لفتاته وكلماته وابتسامته. هؤلاء الأشخاص هم متحدون معه ومن خلاله مع المسيح، قال الكاردينال رولاند ماكريكاس، وذلك لأن البابا فرنسيس كان يعرف كيف يجعل المسيح حاضرا في كل شخص وذلك شاهدا له كل يوم حتى ساعته الأخيرة. متحدين مع البابا، متحدين مع المسيح، كما الأغصان مع الكرمة، أضاف نيافته.
وفي ختام عظته مترئسا قداسا إلهيا في بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما الأربعاء ٢١ أيار مايو، لمناسبة مرور شهر على عودة البابا فرنسيس إلى بيت الآب، سأل الكاردينال رولاند ماكريكاس رئيس البازيليك أم الله خلاص الشعب الروماني أن تساعد كل واحد منا على أن نكون متحدين بربنا بتواضع وسخاء حقيقيَّين. ثم رفع نيافته الصلاة من أجل النور الأبدي للبابا فرنسيس الخادم المتواضع والحكيم والأمين للإنجيل.