العمار في إطلاق *يوبيل السجين* من المركز الكاثوليكي للاعلام: الهدف إعادة الاعتبار للسجين والإضاءة على أوضاع السجون والمطالبة بتحسينها خيرالله: الكنيسة تولي اهتماماً خاصاً بهذه القضية الاجتماعية

عقد في المركز الكاثوليكي للاعلام مؤتمر صحافي بعنوان “لماذا يوبيل السجين؟”، شارك فيه رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران منير خيرالله، رئيس اللّجنة الأسقفية عدالة وسلام المشرف على المرشديّة العامة للسجون في لبنان المطران مارون العمار، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبده أبو كسم، المرشد العام للسجون الخوري جان موره ورئيسة اللّجنة الإعلاميّة في مرشديّة السجون الاعلامية ليا معماري.
المطران خيرالله
بداية رحب المطران خيرالله بالحضور وقال إن “يوبيل السجين هو اليوبيل الذي تدعو الكنيسة إلى الاحتفال به على لسان البابا الراحل فرنسيس في السنة المقدسة اليوبيلية التي أعلنها “سنة الرجاء الذي لا يخيّب”.
وأشار إلى أن “الكنيسة تولي اهتماماً خاصاً بالقضية الاجتماعية منذ البابا لاوون الثالث عشر (1878-1903) إذ تشدّد على واجبها في الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، لا سيما عن حقوق المظلومين والمحرومين والأسرى والفقراء والمهمّشين والمهجّرين والنازحين. وقد خلّد اسمه في التاريخ ملتزماً بنشر العقيدة الاجتماعية للكنيسة”.
وقال:”جاء البابا لاوون الرابع عشر، على خطى سلفه لاوون الثالث عشر، يثبّت عقيدة الكنيسة ويقول في إرشاده الرسولي “لقد أحببتك” (4/10/2025):”المسيح هو الفادي الأسمى للأسرى، والكنيسةُ، وهي جسدُه، تواصل هذا السر عبر الزمن. والمحبة المسيحية، حين تتجسّد، تصير محرِّرةً. ورسالةُ الكنيسة، حين تبقى أمينةً لربها، تكون دائماً إعلان التحرير. وقد ذكّرنا بذلك في خلال زيارته للبنان في لقائه مع المكرّسين في سيدة لبنان حريصا، قائلاً:”تُعنى الكنيسة، من ضمن رسالتها، أيضاً بالسجناء وتدعو رسلها العاملين باسمها إلى الدخول إلى السجون، حيث لا يرى العالمُ سوى الجدران والجرائم، نحن نرى في عيون السجناء التائهة تارةً، والمتألقة برجاء جديد تارة أخرى، وداعةَ الله الآب الذي لا يتعب أبداً من أن يغفر “، ويستشهد بكلام البابا فرنسيس قائلاً:”دخول السجون هو دائماً لحظة مهمة، لأن السجن مكان غنيّ بالإنسانية، إنسانيةٍ مجروحة، وتثقلها أحياناً الصعوبات، ومشاعر الذنب، والأحكام، وسوء الفهم، والآلام، لكنها في الوقت نفسه مليئة بالقوة، والرغبة في المغفرة، والإرادة في الفداء”وذلك في لقاء ضباط شرطة السجون والسجناء والمتطوعين في 18/5/2024″.
وختم:”بارككم الله في رسالة الرحمة والمحبة التي تقومون بها باسم الكنيسة في سجون لبنان”.
العمار
وتحدث المطران العمار عن “يوبيل السجين”، أبعاده وأهدافه، فقال:”انطلاق فكرة يوبيل السجين تلبية لرغبة البابا فرنسيس الذي اعلن سنة 2025 يوبيل الرجاء الذي لا يخيب”.
واشار الى ان “جذور اليوبيل تعود إلى الكتاب المقدّس وانبياء العهد القديم، ومع سيّدنا يسوع المسيح ومن ثم تعاليم الكنيسة ورسائل البابوات عبر تاريخ الكنيسة”.
ولفت الى ان “هدف يوبيل السجين إعادة الاعتبار إلى الإنسان المجروح والتأكيد أن كرامته لا تُسلب في السجن، كما الهدف أن ننظر الى السجن من زاوية مختلفة اي ليس كمكان عقاب فقط بل كمساحة شفاء وتصحيح. وكذلك هدف يوبيل السجين الإضاءة على أوضاع السجون والمطالبة بتحسين أماكن الاحتجاز”.
واشار العمار الى ان “أبعاد يوبيل السجين هي التركيز على الحياة المسيحية في قلب السجن، لكي يملأ المسيح الفراغ والوحدة اللتين يشعر بها المسجون”.
ولفت الى ان “الحرية الإيمانية لا يمكن أن تُسجن داخل القضبان أو في زنزانات. فالسجن مكان غني بالإنسانية المجروحة ومشاعر الذنب وسوء الفهم، ولكنه مليء بالقوة والرغبة في المغفرة وإرادة الفداء”.
موره
ثم شرح موره دور المرشديّة العامة للسجون وواقعها والمرتجى منها، فتحدث عن تأسيسها منذ العام 1996 والنشاطات التي تقوم بها وخدماتها باسم الكنيسة الكاثوليكيّة في لبنان، للنزلاء والنّزيلات في سجون لبنان، بغيَةَ تحقيق غاياتها وأهدافها.
واشار إلى أن ” أبرز النَّشاطات والخدمات التي قامت وتقومُ بها المرشديّة، بالرغم من الأوضاع الصعبة والمضطربة في لبنان عامَّة وفي واقع السجون خاصَّة، هي تنظيم زيارات دورية إلى السجون ولقاءات شخصية مع بعض النزلاء والنزيلات الراغبين والمحتاجين الى الدعم النفسي والروحي أو الإصغاء، التنسيق مع المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي وإدارات السجون، ومع رؤساء المحاكم العسكرية والقضائية وعدد من القضاة، بهدف تحسين ظروف الاحتجاز وتعزيز التعاون في مجالات الرعاية والزيارات والمتابعة الروحية لهم وتسهيل معاملات بعض النزلاء والنزيلات، تأمين القدّاسات والرّتب والخدمات الرّوحية والدينيّة والإرشاد الروحي في السجون كافة وإحياء ريسيتالات دينيّة وروحيّة”.
ومن الناحية القانونية، اشار الى ان “المرشدية تسعى الى متابعة الملفات القانونيّة من خلال تقديم طلبات إخلاء سبيل وإدغام الأحكام للنزلاء الأكثر حاجة، تقديم طلبات تخفيض العقوبات وتسريع تعيين مواعيد الجلسات، دفع بعض الغرامات والكفالات والرُّسوم لتخلية سبيل بعض النزلاء والنزيلات، الإستشارات القانونيَّة من قبل المحامين في المرشديّة لبعض الحالات وزيارة رؤساء المحاكم العسكريّة والمدنية، والقضاة لمعالجة بعض قضايا النزلاء والنزيلات، بالإضافة إلى الخدمات الصحيّة والنَّفسيّة.
وشدد على ان “المرشديَّة َ تواجه صعوبات وتحدّيات كثيرة إذ لا يزال واقع السجون في لبنان في حالة من الإزدراء والسوء، ولا يمكن أبدًا اعتبارها مراكز إصلاح كما تحدِّده شرعة حقوق الإنسان، وهي في ازدياد وتفاقم دائم من شهر الى آخر لأسباب عدة أبرزها: غياب الدولة عن الإهتمام بوضع السجون والنزلاء، الإكتظاظ المتزايد، عدم سير المحاكم بشكل مستمر وتعذّر سوق النزلاء، نقص كلّي بمواد التغذية وأدوات النظافة، والادوية وغيرها من الحاجات الأساسيّة، عدم القدرة على تأمين التمويل اللازم والضروري لتغطية بعض هذه الخدمات المطلوبة والضّرورية وغيرها لتسهيل عمل المرشدية، تخفيض عدد زيارات أعضاء المرشديّة إلى السجون بشكل متواتر، بسبب الوضع الإقتصادي الصعب وغلاء المحروقات”.
وناشد موره “رئيسِ الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيسي الحكومة ومجلس النواب الالتفات بكل جدّية إلى واقع السجون، بحقِّ كرامة النزيل الإنسان وحقوقه، بعيدا عن كلّ الإعتبارات السياسيّة والمصالح الفئويّة، ويُحدَّد رسميَّا اليوم الوطني للسجين سنويًّا في لبنان، ويعملوا على إصدار العفوِ العام للحالات التي يمكن أن يشملها من دون أن يمسّ بأمن الدولة وكرامتها”. كما طلب من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان “تحديد الأحد والأسبوع الثالث من شهر كانون الأول، كأسبوع السجين السنوي، ليكون التركيز والإهتمام خلاله في كل الأبرشيات والرعايا والرهبنات والمؤسَّسات الكنسية على السجون والنزلاء فيهم”.
معماري
وفي الختام ،تحدثت معماري عن “الاستراتيجية الاعلاميّة ليوبيل السجين”، مستذكرة أبرز ما نادى به الباباوات تجاه النزلاء والنزيلات في العالم وآخرهم البابا لاوون الرابع عشر الذي “نرى في مضامين عظاته ايضا البعد الروحي الذي يهدف إلى أنسنة الانسان والنظر إلى المساجين بعين الرحمة والرأفة”.
واشارت الى ان “لجنة الاعلام الجديدة في المرشدية وضعت محاور واستراتيجية خاصة ليوبيل السجين لنزرع الرجاء والأمل رغم عتمة الايام وقساوتها وهي على الشكل الآتي:
المحور الأول: الإضاءة على مشاكل السجون والظروف الصعبة التي يعيشها النزلاء والنزيلات الأمر الذي يحفز المجتمع على مساندتهم وتحسين الأوضاع في السجون .
المحور الثاني: تعزيز الوعي المجتمعي من خلال تكثيف ورشات العمل والمحاضرات في المدارس والمؤسسات والجامعات بهدف التأكيد أن النزلاء هم أخوة لنا وبحاجة إلى احتضان واصغاء وتوبة وولادة جديدة وهذا ما يتطلب منا الوقوف إلى جانبهم والنظر إليهم نظرة رأفة ومحبة .
المحور الثالث: إجراء لقاءات وبرامج اعلامية مع النزلاء في السجون والإضاءة على قضاياهم ورصد خبرات حياتهم وهم خلف القضبان ، وافساح المجال لهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم وتجاربهم والظروف التي دفعتهم إلى ارتكاب الأخطاء التي أدت إلى إدخالهم السجن ، ليتخذ الناس العبر من ذلك ولبث روح الوعي والمعرفة في نفوس الكثيرين لا سيما أن التحديات المعاشة باتت خطيرة وعلى مختلف الصعد.
المحور الرابع: إبراز الأمثلة النموذجية للسجون التي باتت بمثابة مدرسة الصلاحية والتي تعمل بشكل فعال في إعادة تأهيل النزلاء ودمجهم في المجتمع . بالإضافة إلى تكثيف الجهود الاعلامية في تأمين المساعدات اللازمة لهم”.
وختمت:”هذه العناوين سنترجمها في يوبيل السجين وسنفعلها إعلامياً أكثر لنقول للعالم “ان النزيل هو أخ لنا، بحاجة إلى اصغاء واحتضان وحب وسلام داخلي ولا بد من أن يتوب ويولد من جديد “، وهذه أسمى المهام الإنسانية الملقاة على عاتقنا كإعلاميين”.
أبو كسم
وختم المونسنيور أبو كسم بكلمة سأل فيها إذا كان “السجن لعنة أم نعمة، أم مكانا للاصلاح والتوبة؟”، وقال:”إنّه كل هذه. يبدو للوهلة الاولى انه لعنة لمن ارتكب جرماً، ثم مع ملائكة السجون يصبح السجن لعنة مزدوجة، فيتعرّف السجين على يسوع ويحمل في وجهه صورته، ويستحق المرشدون الطوبى التي اطلقها يسوع، كنت سجيناً وزرتموني”.
أضاف:”فلنفكّر ولو للحظة بأخوة لنا استفاقت فيهم النعمة وهم بين جدران لم تحجب عنهم صورة المسيح بفضل أناس اختاروا أن يكونوا بينهم طوعاً رسل الكلمة وحاملي البشرى السارة. فشكر من القلب لمرشديّة السجون رئيساً ومرشداً عاماً ومرشدين مع تمنياتنا لكل سجين بالتوبة والحريّة”.