الراعي احتفل بقداس عيد قلب يسوع في بكركي: نعمة القلب الأقدس مطلوبة اليوم لقادة الوطن لكي يحملوا همّ الشعب وكل عائلة وكل محروم

عظة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي
بكركي – الجمعة 27 حزيران 2025
عيد قلب يسوع
“تعلموا منّي: إني وديع ومتواضع القلب” (متى 11: 29).
1. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد قلب يسوع الأقدس، وهو عيد الحب الإلهي، الذي نزل من السماء ليلتقي قلب الإنسان، كل انسان. هو الحب الذي بذل نفسه على الصليب، لكي نحيا نحن. وهو الحب الذي ينبض كل يوم على مذبح الكنيسة، وفي حياة المؤمنين، داعيًا إيانا جميعًا “لنتعلّم منه الوداعة والتواضع، فنجد راحة لنفوسنا” (متى 11: 29).
2. يطيب لي ان احييكم جميعًا، مع تحية خاصة لعائلة قلب يسوع التي تنظم هذا الإحتفال. فقد جاءت الأخويات من حوالي ثمانين رعية من مختلف المناطق اللبنانية. وقد أصبح عدد المنتسبين اليها، في غضون أربعين سنة على تأسيسها، ثلاثة آلاف. فأحيي رئيستها السيدة سلوى اسطفان، وجميع معاونيها في مركزها الإجتماعي الخيري في انطلياس حيث يتم توزيع مواد غذائية وألبسة لأكثر من أربعمائة عائلة محتاجة، هذا بالإضافة الى زيارة المستشفيات ودور العجزة والسجون حيث يتم الاهتمام بهم بالصلاة والمشاركة في القداس الإلهي، وتوزيع صور قلب يسوع وما يحتاجون اليه من ألبسة ومواد غذائية.
3. انتشرت عبادة قلب يسوع في القرن السابع عشر بعد ظهورات الرب يسوع للقديسة مارغريت ماري الاكوك من راهبات الزيارة سنة 1647. تأسست عائلة قلب يسوع في لبنان سنة 1985، على يد الأب اغوسطين مارديني الكبوشي، والسيدات سلوى اسطفان وجويس الصايغ وارليت بو خاطر، في دير الآباء الكبوشيين في البيّاضة. لقد فتح لنا القلب الأقدس باب المحبة والسلام، حاملًا همومنا واحزاننا وجراحنا، لكي يحوّلها الى نعمة ومحبة وحياة.
4. هذا العيد هو تتويج للزمن الليتورجي الذي نعيش فيه محبة الله عبر سرّ الفداء. ففي القداس نعيش تذكار الحب الأكبر، الحب الذي تجسّد وافتدانا بموته على الصليب، وقام من بين الأموات، ويبقى هذا الحب حيًّا على مذابحنا. انه القلب المفتوح على الصليب، وباب الدخول الى حياة الله بالحب. هذا القلب ينبض ليحمل همّ كل مؤمن، وهمّ كل عائلته، وهمّ كل مجتمع، وهمّ كل وطن. في القداس نستقي هذا الحب، ونحمله الى بيوتنا والى مؤسساتنا ووطننا.
5. قلب يسوع المفتوح على الصليب هو نموذج الحب الذي نحتاجه لوطننا لبنان، ولكل وطن. فالقلب يعني التضحية والعطاء ونكران الذات من اجل خلاص الجميع. اننا نلتمس من القلب الأقدس نعمة لقادة وطننا، نعمة المحبة، نعمة القلب الكبير الذي يتّسع لجميع المواطنين، نعمة القلب المفتوح على الحوار والخدمة، وعلى حفظ كرامة المواطن وحماية الوطن. على من يحمل مسؤولية في الوطن، ان يحمل قلبًا يشمل الجميع، يسمع، يحمي، يوحّد. قلبًا يسعى لكي يعيش الجميع بكرامة، بسلام، بفرح.
نحن نعاني اليوم، على ارض لبنان من قلوب تقسو، قلوب تتغلّف بالمصلحة الشخصية على حساب الوطن، على حساب الشعب، على حساب القيم.
القلب الأقدس هو نموذج القلب الوطني الذي يرى الوطن عائلة كبيرة، والشعب اخوة، والوطن رسالة محبة. نعمة القلب الأقدس مطلوبة اليوم لقادة الوطن لكي يحملوا همّ الشعب، همّ كل عائلة، همّ كل شاب، همّ كل فقير، همّ كل مظلوم، همّ كل محروم، همّ كل أسرة.
6. فلنصلِ، ايها الإخوة والأخوات:
من اجل عائلاتنا، لكي تبقى القلب الدافئ، الذي منه يشع الحب والغفران والتفاني على المجتمع والكنيسة.
من اجل عائلة قلب يسوع، لكي تبقى نموذج الحب، ومدرسة الإخلاص والشهادة والعطاء.
من اجل وطننا، لكي يشهد للحب، والعدالة، والحق والحوار.
للقلب الأقدس كل مجد وشكر وتسبيح الآن والى الأبد، آمين.