أحيا البابا لاون الرابع عشر عصر الاثنين ذكرى الطوباوي الروماني الكاردينال لوليو هوسو، الذي كان أسقفاً في كنيسة الروم الكاثوليك في رومانيا وسقط شهيداً للإيمان خلال حقبة الاضطهاد الشيوعي، وذكر البابا بريفوست بأن حياة هذا الطوباوي تميزت بالشجاعة وقد أنقد آلاف اليهود من الموت، خلال الحرب العالمية الثانية، مضيفا أن هوسو كان أيضا نبياً للرجاء ويدعونا اليوم إلى تخطّي الحقد من خلال المغفرة.
قال لاون الرابع عشر إن الطوباوي الروماني كان “رجلا للحوار” متمنياً أن تكون علاقة الصداقة بين كنيسة الروم الكاثوليك في رومانيا والجالية اليهودية نوراً لعالم اليوم، وشدد على ضرورة أن نقول “لا” للعنف بجميع أشكاله، لاسيما عندما يُمارس ضد أشخاص عزل، لا حول لهم ولا قوة، شأن الأطفال والعائلات. جاءت كلمات الحبر الأعظم خلال إحيائه ذكرى الأسقف الروماني الذي عاش بين العامين ١٨٨٥ و١٩٧٩، موضحا أن الكاردينال هوسو كان رمزاً للأخوة التي تتخطى الحدود العرقية والدينية. وذكّر البابا بريفوست بأن هذا الطوباوي كان أسقفاً على أبرشية كلوج غيرلا، بين عامي ١٩٤٠ و١٩٤٤، وساهم في إنقاذ آلاف اليهود من الموت في مقاطعة ترانسيلفانيا الشمالية، وأوقف ترحيلهم إلى مخيمات الاعتقال النازية، علما أنه في العام ٢٠٢٢ بدأت مسيرة الاعتراف به كبار بين الأمم.
نُظم الاحتفال في كابلة السكستين بالفاتيكان في الذكرى السنوية السادسة لزيارة البابا فرنسيس إلى رومانيا حيث أعلن في الثاني من حزيران يونيو من ذلك اليوم طوباويين ستة أساقفة آخرين. وتم احتفال الأمس بحضور ممثلين عن الجالية اليهودية في رومانيا، وعن كنيسة الروم الكاثوليك. وكان البرلمان الروماني قد أعلن هذه السنة “سنة وطنية للكاردينال ليليو هوسو” في الذكرى السنوية المائة والأربعين لولادته.
في الكلمة التي ألقاها للمناسبة قال البابا لاون الرابع عشر إن الطوباوي هوسو هو أيضا رسول للرجاء، وليس من قبيل الصدفة أن الكنيسة شاءت أن تحيي ذكراه في السنة اليوبيلية المكرسة للرجاء. وقد سمح هذا الاحتفال للطوباوي بأن يعود بشكل ما إلى الكابلة الفاتيكانية، بعد أن كان السعيد الذكر البابا بولس السادس قد أعلنه كاردينالا، دون الكشف عن اسمه، في الثامن والعشرين من أبريل نيسان ١٩٦٩، عندما كان قابعاً في السجن بسبب اضطهاد الحزب الشيوعي آنذاك. وتم الكشف عن هذا التعيين في العام ١٩٧٣، بعد أن وافته المنية، وكان قد رفض فرصة مغادرة رومانيا واللجوء إلى روما، بعد أن اعتقله الحزب الشيوعي للمرة الأولى في العام ١٩٤٨. وبعد الإفراج عنه استمر في تشجيع المؤمنين على الشهادة لإيمانهم والعمل على إعادة تنظيم هيكلية الكنيسة الكاثوليكية بطريقة سرية. وقبل وفاته في العام ١٩٧٠ توجه إلى المطران توديا قائلا له: “نضالي انتهى، أما نضالُك أنت فسيتمر”.
هذا وتوقف البابا بريفوست عند النداء الذي وجهه لوليو هوسو إلى الكهنة ومؤمني أبرشيته في ربيع العام ١٩٤٤، في وقت كانت تُجمع فيه الجاليات اليهودية ضمن غيتوهات، وأصدر رسالة رعوية، احتفظ بها الحاخام السابق موشيه كارميلي وينبرغر. وجاءت الرسالة لتعكس التزامه لصالح الجاليات اليهودية على الرغم من الخطر الشديد الذي كان يواجهه. وحثّ المؤمنين الكاثوليك آذناك على مساعدة اليهود قولا وفعلاً، من خلال تقديم التضحيات. وقال البابا إن هذه المساعدة التي تحدث عنها الطوباوي الروماني وعاشها تنبع من المحبة الإنسانية.
بعدها أكد لاون الرابع عشر أن رجاء الطوباوي هوسو كان رجاء رجل مؤمن، كان يدرك أن أبواب الشر لن تقوى على عمل الله، وكان رجلا عاش إيمانه إلى أقصى حد في إطار الصلاة والتفاني حيال القريب. وهذا ما كان قد سلط عليه البابا فرنسيس الضوء في قداس التطويب عام ٢٠١٩، مشيرا إلى جوهر روح الشهيد المسيحي، ألا وهو إيمان راسخ بالله لا يتزعزع، لا يعرف الحقد بل يستخدم الرحمة ليتحول الألم إلى محبة تجاه المضطهِدين. ومما لا شك فيه أن هذه الكلمات تبقى لغاية اليوم دعوة نبويةً لتخطي الحقد من خلال المغفرة ولعيش الإيمان بكرامة وشجاعة.
في أعقاب الاحتفال عبر اتحاد الجاليات اليهودية في رومانيا عن امتنانه للطوباوي هوسو، للكرسي الرسولي وللكنيسة الكاثوليكية على كل الجهود التي بُذلت من أجل حماية اليهود في رومانيا إبان الحرب العالمية الثانية. وقال الاتحاد إن الجاليات اليهودية في رومانيا تصلي إلى الله من أجل البابا لاون الرابع عشر كي يمنحه قوة حمل الرجاء إلى من يحتاجون إليه، وحمل الابتسامة إلى الباكين، والسلام إلى من فقدوا التعزية، والمحبة إلى من يعيشون الكراهية، والإيمان إلى من فقدوه.
في سياق متصل وفي إطار الاحتفال بذكرى تطويب الكاردينال هوسو تم الاحتفال، عصر الأحد الفائت، بالقداس الإلهي في البازيليك الفاتيكانية حسب الطقس البيزنطي وباللغة الرومانية، بمشاركة الكاردينال كلاوديو غوجيروتي، عميد دائرة الكنائس الشرقية والمطران جامبييرو غلودر، السفير البابوي في رومانيا ومولدافيا، وبحضور أكثر من تسعمائة مؤمن قدموا من رومانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، إسبانيا، المجر وأوكرانيا.
البابا يتحدث عن فضائل الكاردينال هوسو ويدعو إلى الاقتداء بمثله ونبذ العنف
