الأب رومانيلّي: من مذبح غزّة نرفع صرختنا من أجل السلام

يشهد كاهن رعية العائلة المقدّسة لوسائل الإعلام الفاتيكانية على قوّة الصلاة فيما تتقدّم الهجمات الإسرائيلية. ويقول: “لا أمان في أي مكان. إنّ عدد القصف يزداد كل يوم، ومعه يزداد عدد الدمار، وعدد القتلى، والمفقودين تحت الأنقاض، والجرحى”.
إن مأساة هذه الحرب التي لا تتوقّف تزداد خطورة يوماً بعد يوم. واختبار العجز يولّد ألماً كبيراً، لكن الصلاة وبركة الله هما السند. بعد ليلة مأساوية طبعتها الهجمات الإسرائيلية على غزّة، تبقى كلمات الأب غابرييل رومانيلّي، كاهن رعية العائلة المقدّسة في مدينة غزّة، على الرغم من طابعها المأساوي، مشبعة بالرجاء، موسومة بالإنسانية والرحمة، تحمل دعوة للحرّية للجميع ترتفع “من مذبح غزّة، مذبح السلام، حيث نرفع كل يوم القربان الأقدس”. ويطالب الأب رومانيلّي في حديثه إلى الإعلام الفاتيكاني بالحرّية “للفلسطينيين، وللإسرائيليين، وللرهائن، ولجميع الذين حُرموا منها”. ويكرّر بلا توقف: “لتتوقّف الحرب، لكي يُسمح للأشخاص الذين يعيشون في قطاع غزّة أن يحصلوا على ما يلزمهم للحياة، ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، بل لكي يعيشوا حقاً ويعيدوا بناء حياتهم”.
وبفضل الشهادات والمعلومات التي يجمعها، يتمكّن الأب رومانيلّي من رسم خريطة تقريبية للعملية العسكرية، التي يبدو أنّها استهدفت “خصوصاً المناطق الواقعة غرب وشمال غرب مدينة غزّة، وقليلاً الجنوب”، ولم تصل إلى شرق المدينة حيث تقع الرعية، في الجزء القديم من حي الزيتون. ومع ذلك يصل ضجيج السلاح إلى هناك، وإن بقي بعيداً في هذه الساعات: “لا يوجد قصف بالقرب منّا في هذه اللحظة”. ليس بالقوة نفسها كالانفجار الذي دوّى قبل ساعات قليلة وقطع صلاة المؤمنين المجتمعين في الكنيسة، وهي صور نشرها الأب رومانيلّي نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي وانتشرت في العالم، وتُظهر المؤمنين يبقون في الصلاة رغم اهتزازهم من شدّة الصوت. ويقول: “تلك هي الحقيقة. نحن الذين نحيا على درب الجلجلة في غزّة، نطلب السلام والعدالة للجميع. ونواصل الصلاة، فهذه هي رسالتنا. إنّ الربّ علّمنا أن نبشّر، أن نؤمن، وأن نثق به. نعم، إن الآلام موجودة، لكن لدينا أمور كثيرة نشكر الله عليها”. مثل بركة زواج شابين مسيحيين، ومعمودية طفل اسمه ماركو وهو الأصغر بين اللاجئين، وكذلك بركة تسليم ثوب عذراء الكرمل إلى ٦٥ شخصاً من أطفال ومراهقين وشباب وبالغين كعلامة حماية وبركة.
لا يمكننا حتى أن نتخيّل عدد الذين اضطروا إلى الرحيل هرباً من القصف. “الجميع يشهدون أنّ الهجمات تصل أيضاً إلى الجنوب. لا أمان في أي مكان. عدد القصف يزداد كل يوم، ومعه أرقام الدمار، القتلى، المفقودين تحت الأنقاض، والجرحى”. إنّ الأب رومانيلّي وجميع من معه في الرعية يواصلون مساعدة الـ ٤٥٠ لاجئاً الموجودين في الكنيسة، “وخاصة المسنّين، المرضى، العائلات مع الأطفال الصغار، وكذلك الأشخاص طريحي الفراش، وأطفال الأم تيريزا الذين كانوا يعيشون معنا قبل الحرب. نحن نوزّع ما لدينا من طعام وماء. بعض جيراننا قد غادروا إلى الجنوب، لكن معظم الحيّ بقي هنا. الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولا أحد يعرف إلى أين سنصل وكيف سيكون المستقبل”.