الأب رومانيلي يدعو الجماعة الدولية إلى عدم نسيان غزة

مما لا شك فيه أن الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران أبعدت الأنظار عن الصراع الدائر في قطاع غزة منذ أكثر من عشرين شهراً، وحيث يستمر التصعيد ومعه سقوط المزيد من الضحايا. ويرى المراقبون أن القطاع بات بالنسبة لإسرائيل جبهة ثانوية. للمناسبة أجرت وكالة الأنباء الكنسية سير مقابلة مع خادم رعية العائلة المقدسة في غزة الأب غابريال رومانيلي الذي أوضح أن شمال القطاع بات مدمراً بالكامل، مشيرا إلى أن السكان يموتون يومياً، وداعياً الجماعة الدولية إلى عدم نسيان غزة.
في حديثه للوكالة التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا شاء الكاهن الأرجنتيني أن يقدم صورة عن المأساة التي يعيشها الغزاويون كل يوم. وجاءت كلماته في وقت تصب فيه وسائل الإعلام العالمية اهتمامها على الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في الثالث عشر من الشهر الجاري، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في طهران وتل أبيب ومناطق أخرى في البلدين.
وقال رومانيلي إن أحدا لم يعد يتكلم عن غزة اليوم، فيما لا يزال الصراع مستمراً والمواطنون يعيشون مأساة لا تعرف نهاية، لافتا إلى أن غزة أصبحت بالنسبة لإسرائيل جبهة ثانوية بعد فتح الجبهة مع إيران، وردد القول المأثور “بعيد عن العين، بعيد عن القلب” مع أن عشرات الأشخاص يُقتلون يومياً، لاسيما من يتدافعون إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في رفح جنوباً التي تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل.
تابع الأب رومانيلي يقول إن السكان في غزة يناضلون يومياً من أجل البقاء على قيد الحياة. وأضاف: تصوروا مدينة كبيرة مثل روما حيث يُجبر سكانها على أخذ الطعام من ثلاث أو أربع نقاط توزيع منتشرة في أحياء مختلفة. هذا ناهيك عن المخاطر التي يواجهها هؤلاء السكان. وقال إن ما نشهده في غزة هو أمر مخز. وشدد على ضرورة ألا تنسى الجماعة الدولية قطاع غزة.
مضى خادم رعية العائلة المقدسة للاتين في غزة مشيرا إلى أن العائلات التي كانت قد ادخرت بعض المال، أنفقته بالكامل لشراء مواد غذائية بأسعار خيالية، موضحا أن كيلوغراما واحدا من البن وصل سعره إلى ألف شيكل، ما يوازي مائتين وخمسين يورو. وقد حمل الوضع السكان على اللجوء إلى كل الوسائل المتاحة لسد جوعهم. وأضاف رومانيلي أن الطلقات النارية وأصوات القنابل تُسمع في كل مكان، لافتا إلى أن الشظايا تصل غالباً إلى كنيسة العائلة المقدسة، المتواجدة في حيّ الزيتون بمدينة غزة، مع العلم أن الرعية توفّر المأوى لحوالي خمسمائة مهجر مسيحي، فقدوا كل شيء. وأوضح أنه يوجد بين هؤلاء أطفال معوقون وأشخاص مرضى تعتني بهم راهبات الأم تيريزا دي كالكوتا.
ولفت الكاهن الأرجنتيني إلى أن الرعية تسعى بشتى الوسائل إلى تلبية احتياجات المهجرين. وهي تلجأ إلى المواد الغذائية التي تم جمعها لمواجهة الأزمة من أجل مساعدة آلاف العائلات المسلمة المقيمة في جوار الكنيسة. وقال إن العديد من المنتجات الغذائية بدأت تنفد، والأسعار مرتفعة جدا، مشيرا إلى أن الغزاويين فقدوا كل أمل بالمستقبل، فيما يحاول المسيحيون أن يجدوا في الصلاة ركيزة لرجائهم. وقال: “إن الحرب ستنتهي، مع أننا لا نعرف متى. لكنها ستنتهي”.
تابع الأب رومانيلي حديثه لوكالة سير متحدثا عن التزام العديد من المتطوعين، العلمانيين والمكرسين، الذين – وعلى الرغم من الأوضاع المأساوية – ينظمون نشاطات لاسيما لصالح الأطفال والفتيان. وقال إن هذه البرامج الترفيهية تهدف إلى التخفيف من الأعباء النفسية الناتجة عن الحرب الدائرة في القطاع. وأضاف أن الرعية تنظم لقاءات للأطفال يقوم خلالها الصغار بكتابة مذكراتٍ تتضمن أفكارهم، آمالهم وتطلعاتهم، ويرفقونها بصور القديسين وبسيرة حياتهم. وبهذه الطريقة يمضون وقتهم بين اللعب والكتابة. لأن هكذا يستمر أهالي غزة في البقاء.