في القرن السابع، بينما كان كاهن باسيليّ يحتفل بالذبيحة الإلهيّة في قرية لانشانو الإيطاليّة، دخل الشكّ قلبه إزاء صحّة تحوّل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. وما إن تلا الكلام الجوهريّ، تحوّل ما بين يدَيْه إلى جسدٍ ودمٍ حقيقيَّين.
بمرور العصور، ارتفع في البلدة مزار خُصِّصَ للأعجوبة الإفخارستيّة المحفوظة حتّى اليوم. وأكّدت دراسات حديثة أنّ الذخيرة نسيجٌ من عضلة قلب إنسان. وشرح رئيس المزار الأب فابريزيو دي ليلّيس، من الإخوة الأصاغر الديريّين، عبر «آسي مينا»، استعدادات الحجّاج هذا العام لعيد خميس الجسد الإلهيّ.
ثمانية أيّام من الصلاة
فسّر الأب الفرنسيسكانيّ أنّ عادة إقامة قداديس مدّة 8 أيّام قبل التذكار الليتورجيّ استُعيدَت هذا العام، إذ يحضر مساءً أخ من الديريّين ليقدّم تأمّلًا عن القربان المقدّس. ويترأس صلاة عشيّة العيد رئيس دائرة دعاوى القدّيسين الفاتيكانيّة الكاردينال مارتشيلو سيميرارو.
وتحمل سلسلة الصلوات عنوانًا مستوحى من إنجيل يوحنّا (3: 30): «أن نختفي كي يبقى المسيح، أن نصغر كي يُعرف المسيح ويتمجّد». ويتناسق الموضوع مع تشديد البابا لاوون الرابع عشر على ضرورة الأصغريّة كي يُعرَف المسيح.
حجّاج من مختلف أقطار العالم
أشار دي ليلّيس إلى أنّ كثيرين من اللبنانيّين يحجّون إلى المزار سنويًّا. وتحدّث عن مكسيكيّ تعجّب من أنّ عطيّة كبيرة في أعجوبة مماثلة لا تستقطب عددًا أكبر من المؤمنين، سائلًا ترك أبواب المزار مفتوحة طوال اليوم كي يتمكّن الراغبون من السجود في أيّ وقت أمام جسد المسيح ودمه.
وتوقّف الأب على شعور عائلة من سنغافورة بالتأثّر الشديد بعدما سافرت بشكل خاصّ لترى الأعجوبة. وذكر كاهنًا تنزانيًّا يتوجّه سنويًّا من روما إلى المزار لشكر الله على عطاياه. وتابع أنّ الأطفال الإيطاليّين الذين يستعدّون للمناولة الأولى يأتون من المناطق المجاورة للصلاة أمام قلب الربّ الإفخارستيّ.
قدّاس لم ينتهِ أبدًا
فسّر دي ليلّيس أنّ المعجزة ولّدت اهتمامًا أكبر بالقدّاس الإلهيّ في قلوب الإخوة الديريّين. وأكّد أنّهم ينظرون إلى سرّ القربان بشكل أعمق.
وأشار إلى أنّ الإفخارستيّا عطيّة تذكّرنا بضرورة تقديم ذواتنا إلى الآخرين مجّانًا، على مثال يسوع. ووصف الأعجوبة المحفوظة في المزار بأنّها «قدّاس لم ينتهِ أبدًا». وفسّر أنّها شهادة حيّة على أنّ الليتورجيا تُدخلنا عالم الأبديّة، إذ لا يزال هذا القربان المقدّس يشهد منذ قرون طويلة على صحّة الذبيحة الإلهيّة.
«أن نختفي كي يبقى المسيح»… مزار معجزة لانشانو الإفخارستيّة يستعدّ لخميس الجسد
