أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا الذي عبر عن ألمه حيال سقوط العدد الهائل من الضحايا في خضم الحرب الدائرة رحاها في الأرض المقدسة وقال إن حماس ارتكبت فظائع لا مبرر لها على الإطلاق، مشيرا إلى أن تجويع مليوني شخص لن يجدي نفعاً. وأطلق نداءً من أجل فتح الممرات الإنسانية فوراً.
استهل البطريرك بيتسابالا حديثه لموقعنا الإلكتروني لافتا إلى أن قلبه يعتصر ألماً إزاء معاناة الآلاف من الأشخاص وإزاء العدد الكبير من الضحايا الذي يرتفع يوميا. وقال إن جماعة المؤمنين التي يرعاها تضم أشخاصا من الجانبين، أي أنهم مواطنون إسرائيليون وفلسطينيون. بهذه الكلمات شاء غبطته أن يسلط الضوء على قلقه الكبير حيال ما يجري في المنطقة مشيرا إلى أنه يجد صعوبة كبيرة في التوسط بين الطرفين المتنازعين، مع أنه لا بد من المحاولة وعدم الاستسلام للواقع الراهن، لأن جهود السلام ينبغي أن تُبذل دائما.
بعدها قال بيتسابالا إنه توجد نصب عينيه دائماً مأساة غزة، وقال إن الصور التي شاهدها لن يتمكن ربما من نسيانها طيلة حياته، مذكرا بأن آخر حصيلة للضحايا في القطاع تتحدث عن خمسة آلاف قتيل تقريباً، بينهم العديد من النساء والأطفال. ولفت إلى وجود أحياء برمتها سُويت بالأرض ولم يعد يوجد فيها شيء، لا مياه، لا طعام، لا كهرباء، موضحا أن هذا ما كتبه أيضا في رسالة وجهها إلى مؤمني البطريركية. وعبر في هذا السياق عن قناعته بأن القصف لن يؤدي إلى أية نتيجة.
هذا ثم تحدث غبطته عن الحصار التام المفروض على قطاع غزة، وحيث بات السكان، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، عالقين ويفتقرون إلى الاحتياجات الرئيسة. من هذا المنطلق دعا إلى فتح المعابر الإنسانية التي تسمح بتوفير العلاج للأشخاص المصابين، وتتيح المجال أمام وصول الشاحنات المحملة بالمعونات الإنسانية. وقال إن سكان قطاع غزة ليسوا كلهم من مناصري وأتباع حماس. وذكّر بأنه سبق أن شجب ما قامت به حركة حماس في جنوب إسرائيل، في إشارة إلى هجوم السابع من تشرين الأول أكتوبر، وقال إن الأعمال الوحشية والفظائع التي ارتُكبت لا يوجد أي مبرر لها، لكن الرد على هذه العملية لا يمكن أن يتمثل في تجويع مليوني إنسان.
لم يخف بطريرك القدس للاتين قلقه حيال مصير المسيحيين في غزة والذين لجأوا إلى رعيتين اثنتين، رعية العائلة المقدسة للاتين ورعية القديس بورفيريوس الأرثوذكسية، والتي لم تسلم من القصف خلال الأيام القليلة الماضية. وأكد في هذا السياق أنه على تواصل يومي مع الجماعات المسيحية في القطاع، موضحا أن البطريركية تسعى إلى إيصال ما أمكن من الاحتياجات الضرورية من خلال المنظمات الإنسانية. ولفت إلى أن السلطات الكنسية أطلعت الإسرائيليين على أماكن تواجد المسيحيين تفادياً للمزيد من المآسي، وهي لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك في الوقت الراهن.
تابع بيتسابالا حديثه لموقعنا مشيرا إلى أن مسألة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس تكمن في صلب هذه الحرب التي يعتمد عليها أيضا مستقبل غزة. وتحدث عن وجود قنوات وهيئات كثيرة تسعى إلى لعب دور الوسيط لافتا إلى أنه من الأفضل أن يتم العمل بشيء من التحفظ والسرية بانتظار الوصول إلى نتائج ملموسة.
في الختام شدد بطريرك القدس للاتين على ضرورة أن يتم البحث دوماً عن السلام ومهما كلف الأمر، لكن لا بد من الفصل بين مبدأي السلام والنصر، معتبرا أن التوصل إلى الاستقرار يقتضي أن يتنازل الطرفان عن شيء ما كما لا بد أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب مع أن هذا الأمر ليس سهلاً، وعلينا أن نوفر الظروف الملائمة كي يتحقق هذا التعايش في أقرب وقت ممكن.
في سياق متصل كان لموقعنا الإلكتروني حديث مع الراهبة المرسلة في غزة، ماريا فارغاس، التي شاركت في مراسم تشييع المسيحيين الثمانية عشر الذين قضوا في القصف على كنيسة القديس برفيريوس، ولفتت إلى أنه كان من المحزن جداً أن نرى أطفالاً يودعون آباءهم وأمهاتهم، وأن نرى آباء وأمهات يودعون أبناءهم. وأوضحت أن بعض هؤلاء الأطفال كانوا يترددون إلى رعية العائلة المقدسة الكاثوليكية للمشاركة في النشاطات.
وفي سياق حديثها عن الأوضاع الراهنة في القطاع أشارت إلى أن السكان يعيشون بدون مياه أو كهرباء، ومع ذلك تسعى الراهبات إلى سد احتياجات الأشخاص قدر المستطاع. وأكدت أنه في الرعية يتم الاحتفال بالقداس مرتين في اليوم كما يقوم المؤمنون بتلاوة السبحة الوردية باستمرار على نية السلام الذي يتوق إليه الجميع، وطلبت من المسيحيين في مختلف أنحاء العالم أن ينضموا إلى صلوات المؤمنين في قطاع غزة كي يمنحهم الله السلام لأنه قادر وحده على صنع المعجزات.