احتفل يوم الأحد الأول من زمن المجيء، الموافق 3 كانون الأول 2023، بانطلاقة الجماعة الكاثوليكية العربيّة في مدينة شيكاغو، تحت اسم “سيّدة الأرض المقدسة”، لكي تكون مريم العذراء هي الأم والراعيّة، والرفيقة والمحامية لهذه الجماعة الوليدة.
وأقامت البطريركيّة اللاتينيّة هذه الجماعة أسوة بشقيقاتها في نيويورك ولوس أنجيلوس وسان فرانسيسكو. ويُعتبر هذا تحقيقًا لحلم طال أمده من قبل العائلات الفلسطينية والأردنيّة التابعة للكنيسة الكاثوليكية بشكل عام، وللكنيسة اللاتينية بشكل خاص، في مدينة شيكاغو.
وترأس القداس الأب وسام منصور، المعيّن من قبل بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا ليكون أول كاهن لهذه الجماعة الناشئة، بحضور رئيس أساقفة شيكاغو الكاردينال بليز كوبيتش، والأب عدنان بدر، من كهنة البطريركيّة اللاتينية والذي يخدم حاليًا في الولايات المتحدة، وعدد من الكهنة المدعوين من مختلف أنحاء الأبرشيّة، وفرسان وسيدات جمعية القبر المقدّس الكاثوليكية الخيريّة، ولفيف من العائلات الذين تجمعوا في كنيسة العذراء سيّدة ريدج.
الأرض المقدّسة في دمائنا
وفي كلمته الأولى لأبناء رعيته، أعرب الأب وسام منصور عن سروره بأن يكون جزءًا من هذا اليوم “بالغ الأهميّة”، كما وصفه. وقال: “إنني أقف أمام الرب وأمامكم، متشرّفًا بالمسؤوليّة التي أوكلها إليّ بطريركنا بييرباتيستا بيتسابالا، ورئيس الأساقفة المحلي بليز كوبيتش، للخدمة كأول كاهن لمجتمعنا الكاثوليكي العربي الأمريكي المحبوب في مدينة شيكاغو”.
ولفت إلى أنّ تأسيس هذه الجماعة تنبع كشهادة على “الجهود المتفانية والدعم الثابت، والأهم من ذلك، الإيمان الراسخ للعديد من الأفراد والعائلات، من خلال مساهماتهم وصلواتهم وعملهم الدؤوب”. بالتالي، فإنّ احتفال اليوم “ليس صدفة، بل دعوة من الله للتعبير عن إيماننا الكاثوليكي بالترابط مع تراثنا وثقافتنا”. وقال: “رغم أننا بعيدين جغرافيًا عن الأرض المقدسة، إلا أننا نبقى شعب الأرض المقدسة. إنها في دمائنا. لقد كان شعبنا من أوائل من سمعوا البشارة بعد قيامة المسيح المجيدة، وهي ذات الرسالة التي ستوحدنا، وتحدّد هويتنا، والتي سنعيشها ونعلنها بفرح وسط عائلاتنا وجماعتنا ومجتمعنا”.
تهنئة.. ودعم كامل
وحضر القداس رئيس أساقفة شيكاغو الكاردينال بليز كوبيتش الذي ألقى كلمة في نهاية القداس قدّم فيها التهنئة، والدعم الكامل، والاستعداد للتعاون. وقال بأنّ نشوء هذه الجماعة في أبرشية شيكاغو لهو شرف لها، لافتًا إلى أنّ أبناء وبنات الأرض المقدّسة هم أسلاف كنيسة القدس الأولى جزءًا منها، والأبرشيّة بحاجة إلى أصواتهم وصلواتهم فيها، وهي تدرك جيدًا أن لديهم الكثير مما يقدمونه لها.
وعبّر نيافته عن أسفه للأحداث المؤلمة الجارية حاليًا في الأرض المقدسة، مشدّدًا أن الحرب هي دائمًا هزيمة، وفي السلام دائمًا انتصار. وأكد على ضرورة إيقاف دوامة العنف، مشيرًا إلى أنّ الاستجابة للمصاعب والتحديات التي تواجهها الأرض المقدسة يجب ألا تكون عبر الحلول العسكريّة ، بل من خلال السلام وحده، ولكي تكون دائمًا أرض يسوع التاريخيّة أرض سلام ووحدة ومحبّة.
حضور ووحدة
وبعد القداس، أقيم عشاء كبير على شرف الجماعة الجديدة والكاهن الجديد.
وتحدّث فيه فارس القبر المقدّس السيّد مجدي بدر، الذي كان من أوائل الداعين لإنشاء هذا المجتمع، ولفت إلى أنّ إنشاء هذه الجماعة الكاثوليكيّة العربيّة “لم يكن نابعًا من الشعور بالغربة والضعف، إنما رغبة بمزيدٍ من الحضور والوحدة”. وقال: “أردنا أن نبني جماعة لتسند الأفراد والعائلات المنتشرة في هذه المدينة، ولنبني جسورًا فيما بيننا، هنا ومع كنيستنا الأم هناك، في الأرض المقدّسة، ولخير أمنا الكنيسة الجامعة المقدّسة الرسوليّة، ولترسيخ الإنتماء لأمنا الكنيسة في قلوب الأجيال القادمة من أبناء وبنات عائلاتنا”.
وتوجّه إلى العائلات الحاضرة بالقول: “اجعلوا هذه الجماعة بيتًا عامرًا، في الآحاد والأعياد، وكل الأوقات، بحضوركم وتوافدكم عليه. فأنتم، أوّلاً وأخيرًا، حجارة هذا البيت الحيّة. أنتم زينته بوجوهكم المشرقة في حفل تدشينه اليوم. فابقوا هكذا. في كل مرة تحلّون فيه بنات وأبناء مباركين مجتمعين تحت حماية وشفاعة الإم السماوية الحنون التي أردنا أن تكون جماعتنا الوليدة مكرسة لها. فهي ابنة بلادنا وفخر شعبنا. هي سيّدة الأرض المقدّسة. هي أمنا، فلتجمعنا دومًا بالوحدة والمحبّة والسلام”.