ترأس متروبوليت صور للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج إسكندر قداس عيد الميلاد المجيد في كاتدرائية القديس مار توما في صور عاونه القيم العام على الابرشية الإيكونومس بشارة كتورة، في حضور حشد من ابناء الرعية واهالي صور.
وبعد الإنجيل المقدس، القى إسكندر عظة شدد في خلالها على اهمية المناسبة المجيدة الحافلة بالعطاء والفداء، وامل ان “يتعظ الجميع من هذه المناسبة للعبور ببلدنا الى بر الأمان وان نبني بلدنا لما فيه مصلحة مواطنيه. وقال في عظته : “في هذا العيد المجيد، نلتقي اليوم حول مذود المسيح، هذاالنور الذي شق ظلمات العالم ليملأه إشراقًا ورجاءً. إنه ميلاد الحب الإلهي المتجسد، حيث تلتقي السماء بالأرض في لحظة تتوقف فيها عجلة الزمن، فتدعونا إلى ترك الإنسان القديم خلفنا، لنولد من جديد بروح القداسة وننطلق في رحلة نحو الحياة الأبدية، حاملين معنا شعلة النور الذي لا ينطفئ. نحن اليوم مدعوون لنتأمّل مرة جديدة في قصة ميلاد السيدالمسيح التي غيرت مجرى الزمن. في مغارة صغيرة، وُلد الرب يسوع، بعدما عجزت مريم ويوسف عن إيجاد مأوى لهما في تلك الليلة الباردة. وهذا الحدث، البسيط في مجراه التاريخي، حمل في طياته أسرار الحياة وطريق الخلاص”.
وتابع: “في بساطة المغارة وتواضعها، تُعلمنا السماء أن الله لا يأتي في عظمة القصور المزخرفة، بل في هيئة طفل ضعيف يرقد في مذود بسيط. إنه يختار أوضع الأماكن ليكشف عن مجده، ليذكِّرنا أنه لا توجد قلوب مهجورة أو أرواح محطَّمة بعيدة عن محبته الشافية. ميلاد المسيح هو احتفال بالأمل الذي ينبثق من الألم، والفرح الذي يولد من الحزن. هو تذكير بأن ضوء الله قادر على اختراق أشد ظلمات حياتنا. في هذا العام، حيث شهد لبنان والمنطقة صراعات وألمًا، قد يبدو الاحتفال بعيد الميلاد متناقضًا مع الواقع المحيط بنا. البعض منكم عاد إلى بيوت دمرتها الحرب، وآخرون يجدون أنفسهم يكافحون من أجل إعادة بناء حياتهم. لكن دعونا لا ننسى أنه حتى في أحلك الأوقات، لا يزال الرجاء ممكنًا. إن قصة الميلاد تدعونا لاستقبال يسوع في قلوبنا، تمامًا كما استقبلته مريم ويوسف والرعاة والمجوس. فلكلٍ منا مغارته الخاصة، مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها أيضًا قادرة على أن تكون مكانًا يولد فيه النور الإلهي”.
وتابع: “في هذا الميلاد المبارك، دعونا نفتح قلوبنا لهذا الطفل الإلهي. دعونا نجدد إيماننا بأن الله معنا، أليس هو عمانوئيل، الله معنا؟ يسير في دروب حياتنا، يحمل معنا أثقالنا، يشاركنا آلامنا ويتحمل معنا ظلماتنا. نحن مدعوون لنكون نورًا في الظلمة، لنَشُدَّ من أزر بعضنا البعض كأبناء وطن واحد، ولنكون سندًا وعونًا للمحتاج. الكثيرون منكم قد عانوا بشكل لا يوصف، ولكن في وسط الألم، هناك دائمًا مجال للمحبة والمساعدة والعطاء. دعونا أيضًا في هذا العيد، نسعى إلى المصالحة والسلام في قلوبنا وبيوتنا. لنغفر لمن أساء إلينا ولنسعى جاهدين لأن نكون صانعي سلام، فبالسلام نبني مستقبلًا أفضل لأطفالنا ولكل الأجيال القادمة. وفي خضم المعاناة، لن ننسى إخوتنا وأخواتنا الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة. دعونا نكون كرماء، نشارك ما لدينا، نمد يد العون، ونقدم لهم العون والمساعدة. وأخيرًا، دعونا في هذا العيد المبارك، نجدد إيماننا وثقتنا في الرب. لنثق أنه معنا دائمًا، يحملنا في أحلك الأوقات ويهدينا نحو مستقبل مشرق. قال يسوع: “في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا، أنا قد غلبت العالم. دعونا نستقبل هذا العيد بقلوب مفعمة بالأمل والرجاء، معتمدين على الله الذي يعطينا القوة والسلام. أسأل الله أن يبارك كل واحد منكم، وينعم عليكم وعلى عائلاتكم بغزير نعمه السماوية ويعيد السلام والأمان إلى بيوتنا وأرضنا، بقدرة هذا الطفل الإلهي”.
قداس الميلاد في صور برئاسة المطران اسكندر
