فضل الله في لقاء عن “الأخوة الإنسانية”: لا حل لما نعانيه إلا بالوحدة ونشر ثقافة السلام وتحقيق العدالة

تحدث العلامة السيد علي فضل الله في لقاء حول ” الأخوة الإنسانية: مسيرة ومشاركة”، الذي أقيم في المركز الإسلامي الثقافي في مجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك، في “اليوم العالمي للأخوة الإنسانية”، بدعوة من رئيس اللجنة الأسقفية للحوار المسيحي الإسلامي في لبنان المطران شارل مراد.
بداية، شكر العلامة فضل الله المطران على “هذه الدعوة واستضافته هذا اللقاء في هذا الصرح الذي كان وسيبقى يمثل عنوانا للتلاقي والحوار بين الأديان والثقافات وداعيةً إلى أنسنة الدين وأنسنة التشريع والخطاب الديني”، و قال:”عندما نتحدث عن قيمة تعزيز روح الإخوة الإنسانية في داخل مجتمعاتنا وعلى صعيد هذا الوطن، فلأننا نحن أحوج ما نكون إلى استحضار هذه القيمة في ظل الخلافات التي باتت تعصف بواقعنا وتساهم في تمزيق صفوفنا وبعثرة قوانا وتشتيت شملنا وضرب وحدتنا إن على الصعيد الديني أو المذهبي أو السياسي أو الصعيد العائلي أو العشائري، وهي التي غالباً ما ننساها أو نغفل عنها وهناك من يريد أن نغفل عنها رغم أنها موجودة في تكويننا البشري وفي كوننا ننتمي إلى أب واحد وام واحدة ونعيش على أرض واحدة، نحن الذين قسمناها أو أوجدنا الحدود بينها وتحكمنا قوانين واحدة في الحياة والموت والمرض ويظللنا رب واحد يجمعنا لا يفرق بين عياله، ورحمته تتسع لجميع عباده”.
أضاف: “نحن هنا أيها الأحبة الأعزاء، حتى نذكر أنفسنا وكل الذين يعيشون على هذه الأرض بأننا إخوة حتى ولو اختلفت أدياننا ومذاهبنا وتنوعاتنا وإن أية إخوة ننتمي إليها على أساس ديني أو مذهبي لا ينبغي أن تنسينا هذه الأخوة الجامعة بكل معانيها وما تؤدي إليه على مستوى المشاعر والتعامل”.
تابع:”أن الأخوة وإن اختلفوا في أفكارهم وأديانهم ومذاهبهم ، ولكنهم يتحابون ويتعاونون ويتقاسمون العيش ويسدد بعضهم بعضا ويحافظون على البيت الذي يجمعهم إلا في حالات استثنائية وليست هي القاعدة”.
وشدد على أن “الأديان جاءت لتعزز هذه القيمة في النفوس، وقد كان طبيعيا أن تنطلق الدعوة إلى الإخوة الإنسانية من قيادات أساسية على الصعيد الإسلامي المسيحي وأن نكون نحن الآن من يتحدثون عنها ويبادرون لتكون ردا في مواجهة من يعمل على أن يحرف الدين عن دوره الإنساني ويحوله إلى مشكلة بدلا ًمن أن يكون حلا ومصدرا أو إلى مصدر للخوف بدلاً من أن يكون طريقاً لتحقيق العدالة والأمن والأمان، مما دعت إليه النصوص الإسلامية والمسيحية في تعزيزها لقيمة الإخوة، ودعت إلى لغة الحوار عند الاختلاف بدلا من لغة القطيعة والاحتراب، وإلى المحبة بدلاً من التحاقد وإلى الانفتاح بدلا من التقوقع والانغلاق، والتخلق بأخلاق الله وأن يكونوا على صورته في رحمانيته فشمسه تشرق على الجميع ومطره يهطل على الجميع وينابيعه تتدفق حتى على من يجاهره بالعداوة”.
ولفت إلى إننا “أحوج ما نكون في هذا العالم إلى لمسة الأخوة هذه التي من خلالها يستعيد العالم إنسانيته وحتى تحكم مشاعر الإخوة أي خلاف أو نزاع وهذا ما يساهم في التخفيف مما نشهده من نزاعات وحروب وفتن، وان لم يؤد إلى علاجها وانهائها سيؤدي إلى خلق جو من التعاون بين البشر ويحقق السلام بينهم”.
وحمل رجال الدين “مسؤولية العمل على إبراز الصورة المشرقة للأديان في كونها رحمة للعالمين وعامل امان وساعية لمد الجسور والتواصل بين أتباعها وأتباع الآخرين، وفي التصدي لكل من يريد العبث بمعاني الدين الروحية والأخلاقية والإنسانية، أو أن يستخدمه ليكون أداة للسيطرة والظلم بدل أن يكون داعيا لتحقيق العدالة الإنسانية ومبشرا بالرحمة والمحبة والتي نريد أن نؤس عليها أخوة إنسانية راسخة”.
وقال:”علينا مسؤولية كبيرة في العمل على إزالة العوائق والتحديات التي تواجه الدعوة إلى الإخوة الإنسانية بفعل ما نشهده من إثارة لأحقاد التاريخ ومشاكله، ومن تنامي لأفكار التطرف والتعصب ودعوات التكفير والانغلاق وتفشي الظلم وفقدان العدالة، والذي يتسبب بتوترات ونزاعات وحروب”.
وختم:”إن هناك عملا كبيرا ينتظرنا، ولكننا على ثقة بأننا قادرون على تجاوز هذه المعوقات من خلال تعاوننا وتواصلنا وعملنا المشترك، وبتعزيز الوعي داخل مواقعنا الدينية بأن لا حل لما نعانيه إلا بالوحدة التي لا تنافي التنوع وبنشر ثقافة السلام والمحبة وتحقيق العدالة”.