أيتها الأخوات والإخوة الأحباء بالرب يسوع،
في هذا المساء المبارك وفي بلدة الأرض الجميلة تربل، نحتفل بعيد قديس يُشبهنا هو الشهيد جاورجيوس المظفر، شفيع كنيستنا الغالية. إنها مناسبة تذكرنا بذلك الفارس الوسيم والقائد العظيم الذي يعني اسمه “الحارث أو الفلاح” الذي لم يعرف يوما الشك في إيمانه ولم يقبل التخلي عن المسيح لشدة محبته إياه بسخاء وشجاعة، حتى صار رمزاً للشهادة والإيمان والصمود أمام التحديات.
عندما ندخل هذه الكنيسة، ندخلُ في الفعل عينه، ساحة الاقتداء به، فنتحول جميعُنا إلى جاورجيوس يعيش فينا مع المسيح مخلصنا. نحنُ أبناءُ هذه الرعية جاورجسيون بامتياز. كلٌ منا فارس على طريقته مع جامعٍ مشتركٍ هو الإيمان بيسوع المسيح. جوادُنا الفضيلة وحربتُنا النعمةُ الإلهية وحربُنا هي حربٌ ضد الظلم والخطيئة. ندافع عن الحق مهما غَلَتِ التضحيات ولا نهابُ تنانينَ الفسادِ والسياسةِ المتعفنة التي تضرب بلد الجمال والفكر والابداع لبنان. وحدتُنا هي بلدتنا. فيها نسكُنُ وننمو ونواجهُ المخاطر بشجاعة جاورجيوس الذي لا يعرف الاندحارَ ولا الانهزام. إنه المُظفر في الحروب الذي بسبب إيمانه الثابت بالمسيح، يظل لنا مثالاً حياً في الإيمان الصادق والاستعداد للتضحية من أجل الحق والعدالة. كانت حياته تُشع بالشموع الساطعة للإيمان، وكانت شهادته ترنو إلى السماء، متجاوزةً حدود الزمان والمكان.
في زمننا الحاضر، لا بد لنا من أن نكون مثله، متحدين ضد الاستعمار الاقتصادي، والفساد السياسي، والتفسّخ الإيماني، والانحلال الأخلاقي، والتعسف الأممي، والتفّلت الأمني، واثقين أن الحق والعدالةَ هما أساسُ بناء مجتمعنا ووطننا.
هذا ليس شعراً، إنها الشهادة التي لا تقتصر على الكلمات وحدِها، بل تتطلبُ الأفعالَ والتضحيات. علينا أن نعيش شهادتَنا الحقيقية من خلال التضامن مع الآخرين، بِدءا من بيتنا وبلدتنا، والعمل من أجل إحداث التغيير الإيجابي في مجتمعاتنا. علينا أن نكون نوراً يضيء دروب الظلام، ورموزاً للأمل والمحبة في عالم يجتاحه اليأس ويلفُّهُ الإحباط.
فلنتأمل جميعاً في قدوة جاورجيوس المظفر، ولنحاول أن نحيي روحه في أفعالنا اليومية. ولنكن جميعاً، رعيةً واحدة، وأبطالاً مِثلَه في الغَيرة على الحق، والشهادة للإيمان، والتضامن بين أهلنا وعائلاتنا. ولنكن دائماً واثقين بأن النورَ سينتصر على الظلام، والحقَ سيبقى دائماً قوياً ومُظفَّراً بشفاعة القديس الشهيد جاورجيوس حامي الفرسان والفلاحين والمزارعين. ولأنه شفيع تربل فهو شفيع المبدعين والمثقفين والاختصاصيين في كل المجالات أيضا. وهنا لا بد لي أن أنوّه بحضور الأطفال والشباب الذين يتمون الخدم في هذه الرعية بقيادة وتوجيه كاهن الرعية النشيط والفاضل. عندما ننظر إلى هؤلاء الأطفال والشباب إلى جانب الكبار نشكر الله مطمئنين أن لنا غد.
بارك الله جميعكم، وبارك بلدتَكم العزيزة تربل، وليحمها دائماً بعنايته الإلهية. وباركَ كاهنَ رعيتكم قدس الأب جوني أبو زغيب وعائلته وشقيقه الأرشمندريت ربيع أبو زغيب، كاهن كاتدرائية المخلّص في مونتريال، الذي عمل معي أكثر من عشر سنوات وهو مثال الكاهن النشيط والمتجرد. بارك الله كهنة ورهبان وراهبات هذه البلدة، خاصا بالشكر والدعاء قدس الأرشمندريت جان فرج وقدس الارشمندريت عبدالله عاصي المشترك معنا في هذه الذبيحة الإلهية لسنين كثيرة بالصحة والخير والبركات. كل عيد وأنتم بألف خير.
المسيح قام! حقا قام!