سويف ترأس قدّاسا في حريصا في إطار الحجّ الأبرشي الى مزار سيدة لبنان

ترأس رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، القدّاس الإلهي في إطار الحجّ الأبرشي الى حريصا، وهو أعاد إحياء هذا التقليد الأبرشي، بزيارة مزار سيدة لبنان في حريصا في شهر أيار المبارك، بحضور كافّة رعايا وكهنة ولجان وأخويات وحركات ومنظمات الأبرشية. وقد توجّه أكثر من ألفي شخص من مختلف أنحاء الأبرشية وقطاعاتها الى كنيسة سيدة لبنان في حريصا للاحتفال بالقداس.
بعد تلاوة الإنجيل المقدس، القى المطران سويف كلمة شكر فيها الرب على “هذا اليوم المبارك والمقدس، وعلى الحج الابرشي الذي نجدده في أبرشيتنا في ظلال العذراء مريم، وهو تقليد قديم جداً في أبرشيتنا.”
وأضاف: “أحيي كل رعايا الابرشية والقطاعات التي تشارك، مجتمعين كعائلة واحدة وكنيسة واحدة وأبرشية واحدة: طرابلس والضنيّة، عكار، شكا والكورة، الزاوية في كل قطاعاتها. إنّها لفرحة كبيرة وجميلة أن نلتقي سويا أسقفاً وكهنة وكل الحركات الرسولية والاخويات واللجان الابرشية والمنظمات الشبابية. فلنشكر الرب على نعمة الحج، ونطلب منه بشفاعة أمنا مريم ليعطي هذا الحج ثماراً روحية ويجدد أيماننا.”
وتابع: “نصلي على نيّة غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، ليعطيه الرب الصحة والقوة والحكمة، في هذه الأيام الصعبة، والذي وبحسب التقليد وجبت زيارته قبل القداس وأخذ بركته، الأمر الذي تعذّر لارتباطه بقداس في الوقت عينه. كما نتحد بالصلاة مع قداسة البابا فرنسيس، ونحن بقرب السفارة البابوية، ونحيي سعادة السفير البابوي ومن خلاله قداسة البابا فرنسيس والذي أستوحي اليوم في تأملي من تأمل قدمه قداسته للبشرية جمعاء حول أيقونة العذراء، قداسته الذي كل همه الوحدة والرحمة والمحبة. وهناك مبادرة، نصلي لنجاحها وتحقيقها، وذلك في سنة 2025، اليوبيل المقدس لذكرى انعقاد مجمع نيقيا 325م، لنعيّد كمسيحيين سوية عيد الفصح المقدس.”
ووجّه المطران سويف تحية لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين الموارنة والقيمين على المزار المقدس. وثمّن مبادة السير على “درب السما”، وهو الفريق الذي توجه سيراً على الأقدام للمشاركة بالحج الأبرشي.
وأكمل متأمّلاً في أيقونة العذراء التي تحمل إبنها يسوع: “فنحن نكرمها ونستوحي منها لأنها ستوصلنا الى إبنها فادينا ومخلصنا يسوع المسيح. إنّها أيقونة العذراء “الكلية الحنان”. فمع العذراء مريم التي أجابت “نعم” على مشروع الربّ في البشارة بدأت “ثورة الحنان”، بتجسد يسوع الذي خرج من الروح القدس ومن العذراء مريم. أمام هذه الثورة لا يستطيع الانسان أن يعيش في القساوة والحقد وبقلب متصلّب، لا أمام ذواتنا ولا أمام وجع أخينا الإنسان، كما يقول المزمور المقدس: “اليوم اذا سمعتم صوته فلا تقسوّا قلوبكم”. فالذي يسمع كلام الرب، ولديه علاقة شخصية وعميقة صادقة مع الرب، يتحول قلبه الى قلب يتحنن ويرحم ويحب”.
وأردف: “العذراء هي عذراء الحنان التي تحمي الطفل يسوع العريان منذ ولادته، وتغطّيه بمحبتها بمعطفها بحنانها، هي التي تغمر بأمومتها يسوع الإله الكامل ولكن أيضا الإنسان الكامل. هي الحنان لأنها حملت البركة-ابنها الى العالم، وهو أيضاً فعل الشكر الذي قدمه يسوع الى الآب، والذي قدمته لنا مريم. هي التي وَلدت يسوع عريانا وحضنته، وهي التي رأيناه عند أقدام الصليب تحتضنه عرياناً أيضاً. إنّ هذا يمثّل عُريَ آدم الاول والذي يوشح عري آدم بالحياة الجديدة. هي الأم التي تتفهم عرينا أي خطيئتنا التي نعيشها في كل يوم، وهي تستوعب عرينا وتقودنا الى ابنها الذي سيوشحنا بثوب الحياة الجديدة. نحن إذا خطئ أخونا نجلده، وندلّ عليه، ولكن العذراء تعلمنا كيف نستر عري بعضنا. أمام عرينا وضعفنا وبشريتنا الهشة، فلنفكّر بالعذراء التي تغطي كل عري الانسان المتألم والموجوع والبعيد عن الرب فتقودنا الى ابنها الذي يجدّدنا بالحب والفرح.”
وختم سويف: “نحن في مجتمعنا ووطننا وفي عالم اليوم، نكتشف أن الانسان تخلّى عن نعمة الرحمة والحنان التي سكبها الله في قلوبنا. فلْنصلّ بشفاعة العذراء الكلية الرحمة والحنان لتجدد الرحمة في قلوبنا فنرحم بعضنا بعضاً، طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون، طوبي لأنقياء القلوب فأنهم يعاينون الله، طوبى لفاعلي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون.”
بعد القداس شارك المؤمنون في زيّاح “أيقونة أمنا مريم”. والتقى سويف المؤمنين من مختلف الرعايا، شاكرين له تجديد هذا الحج، مصلّين على نيته ونية الكنيسة والأبرشية.