في مقابلة مع محطة التلفزة الإيطالية Rai1 – تم بثها مساء أمس الثلاثاء – تحدث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر عن الاعتداء الإرهابي الأخير الذي وقع في موسكو، متطرقا إلى مستقبل أوروبا والعالم، فضلا عن الحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط، مشدداً على أهمية العمل من أجل حل الشعبين والدولتين، الذي طُرح مجدداً على طاولة النقاش في المحافل الدولية.
استهل المسؤول الفاتيكاني حديثه متوقفاً عند الهجوم الذي وقع في موسكو، لافتا إلى أنه فعل رهيب جداً ولا بد أن يحملنا على التفكير خصوصا إزاء وجود عناصر في مجتمعاتنا لا تبغي سوى إلحاق الأذى والألم والدمار. واعتبر أن ما جرى في موسكو يمكن أن يزيد من تفاقم الأوضاع على الساحة الدولية وقال إن بلداً يعاني من صدمة قوية كهذه يمكن أن يقوم بردة فعل قوية جداً، تماما كما فعلت إسرائيل في السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي. ورأى غالاغر أن انعدام الاستقرار هذا هو ثمرة انحلال منظومة كنا نعتقد أنها ترسخت بعد الحربين العالميتين، وبعد الحرب الباردة حيث سعت البلدان إلى حل الخلافات من خلال التفاوض والحوار. وتابع أن الانطباع اليوم هو أن لا أحد يعير القانون أي اهتمام، وقد انعدمت الثقة بالمؤسسات التي كانت ركيزة العالم لعقود، بدءا من الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والاتحاد الأوروبي نفسه، والتي تبدو اليوم عاجزة عن مواجهة التحديات.
بعدها انتقل سيادته إلى الحديث عن الوضع في أوكرانيا متوقفا عند النداءات العديدة التي أطلقها البابا فرنسيس لصالح السلام في هذا البلد، مذكرا بأن الحبر الأعظم قال إن الحروب تنتهي دائماً من على طاولة المفاوضات. وأكد أن البابا حاول أن يشجع أوكرانيا على الحوار بشكل يصب في صالح البلاد، مشيرا إلى أن الكرسي الرسولي عبّر بوضوح تام للجانب الروسي عن ضرورة إعطاء مؤشرات في هذا الاتجاه، بدءا من وقف إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الأوكرانية وصولا إلى وقف كل العمليات العدائية.
ردا على سؤال بشأن مشروع الدفاع الأوروبي قال رئيس الأساقفة غالاغر إنه يتعين على أوروبا أن تتحمل مسؤولياتها في المجال الدفاعي لكن في الوقت نفسه لا بد أن ندرك أن الدفاع لا يتم فقط من خلال الأسلحة، إذ لا بد أن يكون “دفاعا متكاملا” يتحقق من خلال المؤسسات وعن طريق تعزيز التفاهم بين الشعوب. في هذا السياق لفت سيادته إلى ضرورة أن تبذل الجماعة الدولية كل ما في وسعها من أجل الحيلولة دون هزيمة أوكرانيا لأن هذا الأمر سيبدل الأمور بشكل جذري. لذا إن الكرسي الرسولي والبابا يشددان دوماً على ضرورة العمل من أجل السلام لأن النصر أو الهزيمة ليسا الحل. ولم يُخف سيادته خشيته من تصعيد نووي، داعياً إلى السعي من أجل نزع الأسلحة النووية، خصوصا وأن حيازتها تجعلنا أكثر هشاشة ولا تضمن أمننا على الإطلاق. وشدد على أهمية قيام نظام عالمي جديد لا يكون قوامه الانقسام بين الشرق والغرب إنما يرتكز إلى تحالفات بين عدة مجموعات في العالم.