خطاب البابا إلى المشاركين في اللقاء الأول بين الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان ومؤتمر قادة الديانات التقليدية والعالمية

في خطاب وجهه إلى المشاركين في اللقاء الأول بين الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان ومؤتمر قادة الديانات التقليدية والعالمية توقف البابا فرنسيس عند أهمية العمل من أجل تعزيز التناغم بين الديانات والأعراق والثقافات، وتطرق إلى ثلاث ركائز أساسية هي: احترام التنوع، الالتزام لصالح البيت المشترك وإرساء أسس السلام.
استهل الحبر الأعظم كلمته لافتا إلى أن اللقاء يُعقد بين الجانبين بالتعاون مع مجلس الشيوخ ومركز نور سلطان نزرباييف للحوار بين الأديان والحضارات، معبرا عن سروره لهذا الحدث الذي يأتي ثمرة لبروتوكول التفاهم الذي وُقد بين المركز المذكور والدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان.
بعدها لفت فرنسيس إلى أن فكره يتجه نحو المؤتمر السابع لقادة الديانات التقليدية والعالمية الذي شارك فيه خلال زيارته للأستانة عام ٢٠٢٢، وقال إن المؤتمر يشكل منصة فريدة من نوعها للحوار، ليس فقط بين القادة الدينيين، إنما أيضا مع عالم السياسة والثقافة ووسائل التواصل، كما أن هذه المبادرة جديرة بالتقدير لكونها تتلاءم مع دعوة كازاخستان ليكون بلداً للتلاقي.
تابع البابا يقول إنه بالإضافة إلى زيارته الرسولية إلى البلد الآسيوي، تسنت له فرصة التعبير عن قربه من السكان خلال زيارة رئيس الجمهورية إلى الفاتيكان، كما أيضا خلال اللقاء الذي جمع البابا مع رئيس مجلس الشيوخ ورئيس أمانة سر المؤتمر الذي يشارك اليوم في اللقاء بصفته رئيساً لوفد كازاخستان. ولفت فرنسيس في هذا السياق إلى أهمية العمل من أجل تعزيز التناغم بين الديانات والأعراق والثقافات، مضيفا أن هذا البلد ينبغي أن يعتز بالتناغم، لكونه يحترم التنوع، ويلتزم لصالح البيت المشترك وإرساء أسس السلام.
في سياق حديثه عن احترام التنوع قال الحبر الأعظم إن هذا الأمر يشكل عنصراً أساسياً بالنسبة للديمقراطية، التي تحتاج لأن تُعزز باستمرار، كما أنه يساهم في خلق تناغم وفي جعل الدولة علمانية. وذكّر بأنه يتحدث هنا عن العلمانية السليمة، التي لا تمزج بين الدين والسياسة إنما تميّز بينهما بما فيه مصلحة الطرفين وتُقر في الوقت نفسه بالدور الجوهري للديانات في المجتمع، خدمةً للخير العام. ولفت إلى أن البلاد تعمل على تعزيز السلام والتناغم المجتمعي من خلال التعامل بإنصاف مع مختلف المكونات الدينية والعرقية والثقافية، في مجالات العمل والخدمات العامة والمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد، كي لا يشعر أي مواطن بأنه عرضة للتمييز أو مُتفوق على الآخرين بسبب هويته.
تابع البابا فرنسيس خطابه متوقفاً عند أهمية الالتزام لصالح البيت المشترك، وفي حماية الخليقة، مشيرا إلى الموضوع الذي تم اختياره للقاء ألا وهو “بيتنا المشترك: عطية إلهية ينبغي أن تُحب ويُعتنى بها”. وقال إن المؤتمرين صبوا الاهتمام على الرسالة العامة “كن مسبحا” وعلى الإرشاد الرسولي “سبحوا الله”، بالإضافة إلى وثيقة “مفهوم التنمية ٢٠٢٣ – ٢٠٣٣” التي شاءها رئيس الجمهورية والتي تقدم لمحة عن المؤتمر ونشاطاته خلال العقد المقبل، مع إيلاء اهتمام خاص بالقضايا البيئية. وذكّر البابا في هذا السياق بأهمية احترام الخليقة، الذي ينبع من المحبة حيالها وحيال الأخوة والأخوات الذين نتقاسم معهم كوكب الأرض، لاسيما أجيال المستقبل.
أما بالنسبة لتعزيز السلام، أشار البابا إلى أن كثيرين اليوم يتكلمون عن الحروب مؤكدا أن ثمة حاجة للحديث عن السلام، وللتجاوب مع تطلعات الشعوب، ودعا إلى بذل كل جهد في هذا السياق من خلال الحوار مع الجميع. وتمنى أن يشكل اللقاء بين الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان ومؤتمر قادة الديانات التقليدية والعالمية مثالا يُحذى به كي لا نرى في الآخر تهديداً إنما هبة ومحاوراً أساسياً من أجل بلوغ النمو المشترك.