بطريركيتا انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس والسريان استحضرتا المطرانين المخطوفين يازجي وابراهيم: وجودنا في هذه الديار شيء من شهادة نقدمها للمسيح

وزعت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس بيانا، استحضرا فيه مطراني حلب المخطتفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم عشية احد الشعانين، جاء فيه: “عقدٌ وعام على خطف مطراني حلب، أيها الإخوة والأبناء الروحيون الأعزاء، عقد وعام على فاجعة حلب. عقد وعام وما جرى يأبى أن يتحول إلى ذكرى وتذكار لأنه حاضر فينا وفي قلب كل مسيحي ومشرقي. عقد وعام، نستحضرها اليوم فترة على غياب مجبول بمرارة وممزوج بعلقم وملفوح بطيب مشرقي معجون بخمير الرجاء. عقد وعام ونحن نستذكر حادثة خطف أخوينا مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي في 22 نيسان 2013.
عقد وعام على مشهد من مأساة إنسانية استهدفت الوجود المسيحي في الشرق. عقد وعام على خطف راعيي مدينة من كبرى مدن الشرق. عقد وعام وفصحنا ممزوج بغصة لم تمحها الأيام. نقول هذا ونتأمل ما حدث في هذا الشرق وما يحدث فيه إلى الآن من امتهان للكرامة الإنسانية في سوق نخاسة المصالح المتدثرة بعباءة الكرامة الإنسانية. نقول هذا والحربة التي نكأت جنب المسيح ما زالت تنكؤه وتجرحه بهجرة المسيحيين من هذا الشرق؛ من هذا الشرق الذي شهد ولادة الرب يسوع المسيح وحياته وصلبه وقيامته وصعوده وشهد أيضا بشارة رسله الأطهار الذين جابوه بقعة بقعة.
رغم كل هذا، نعود ههنا ونؤكد إن وجودنا المسيحي في هذه الديار هو شيء من شهادة نقدمها للمسيح الذي أحبنا فبادلناه المحبة والأمانة إيمانا محفوظا تلقمناه من أمهاتنا ورسمناه صليبا وعشناه قيامة متجددة رغم كل شدة.
أيها الأحبة، في غمرة الصوم الكبير وعلى مشارف القيامة المجيدة، نخاطبكم اليوم آملين أن تتلى رسالتنا في أحد الشعانين القادم في كل الكنائس والرعايا لتكون رسالة منا إلى قلب كل منكم؛ ومنكم وعبركم إلى الإنسانية جمعاء. لقد آن لمأساة المطرانين أن تنتهي. نحن في غمرة عيد الشعانين الذي نناجي فيه المسيح الرب بلسان أطفالنا ونقول هوشعنا أي “خلصنا”. ونحن اليوم في مناجاة نرفعها إلى رب الخلاص وإله كل تعزية. لقد آن لهذا الملف أن يجد خواتيمه أقله بإعلان الحقيقة على حلاوتها أو مرارتها.
أكدنا ونؤكد، وبعيدا عن أي شعارات متحفية، نحن من ههنا من هذه الأرض ورغم كل شيء. إن قوة في هذا الكون لن تنتزعنا من هذه الأرض. وإن قوة في هذه الدنيا لم تثبتنا ولن تثبتنا في هذا الشرق سوى اتكالنا على المسيح الإله الذي شتلنا ههنا في هذا الشرق وزرع إنجيله في قلبنا عبر رسله القديسين الذين عمدوا وميرنوا أجدادنا بمسحة الروح السماوي.
في هذا الشرق زرعنا قمحنا بسواعد جدودنا وفيه عجنا حنطة شكرنا لله الخالق قربان تسبيح وشكران وفيه عصرنا ثمر كرومنا لنحتفل بحضور المسيح في أسراره المقدسة. وفي هذا الشرق بنينا كنائسنا وأديارنا وعلقنا أجراسنا ومنه انطلقنا وعبرنا البحار وغرسنا في مغترباتنا حبنا لأرض منها خرجنا وتحتل فينا الهوية والكيان. شهدنا للمسيح منذ فجر المسيحية ونشهد إلى الآن له وما ملف المطرانين إلا دليل على هذا. حروب وحروب جرت وتجري ولسان حالنا يقول: إن وجه المسيح، بحضور من تكنوا أولا باسمه في أنطاكية، لن يغيب عن هذا الشرق مادام في عروقنا دم يجري.
نتوجه إلى المسيح الإله ختن نفوسنا وعريسها السماوي الذي نلج وإياه درب الآلام والصليب والقيامة أن ينظر بعين رأفته إلى العالم أجمع ويكتنفنا جميعا بعزائه الإلهي ويزيح بصليبه مصلوبية هذا الشرق ويسكت ضجيج الحروب فنعبر جميعا إلى نور قيامته المجيدة، هو المبارك إلى الأبد، آمين”.