باليرمو تتذكر بيادجو كونتي الذي كان أخاً للآخِرين وصوتا نبوياً في زماننا

لسنة خلت وافت المنية المرسل العلماني ومؤسس “رسالة الرجاء والمحبة”، التي أصبحت اليوم بيتاً لمئات الفقراء والمهاجرين في جزيرة صقلية. إنه الأخ بيادجو كونتي الذي صام وصلى وقام بجولات داخل القارة الأوروبية كلها من أجل تحسيس المواطنين والمؤسسات على الالتزام لصالح السلام وعلى إيلاء اهتمام أكبر بالأشخاص الضعفاء والمهمشين.
في السابع عشر من كانون الثاني يناير من العام الماضي تم الاحتفال بمراسم دفن المرسل الإيطالي، ترأسه رئيس أساقفة باليرمو كورادو لوريفيشي الذي أكد أن الراحل عاش فقيراً، مع الفقراء ومن أجل الفقراء، وقد عاد إلى المدينة التي كانت مسقط رأسه، بعد أن تركها تماما كما فعل القديس فرنسيس الأسيزي متخلياً عن كل شيء.
تم إحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيله خلال قداس إلهي في الكنيسة حيث وُضعت رفاته، وتُدعى “بيت صلاة لجميع الشعوب”، والتي يُطلِق عليها البعض تسمية “كاتدرائية الفقراء” خصوصا وأنها استقبلت وما تزال تستقبل مئات المحتاجين في باليرمو. المرسل الراحل توفي قبل أن يبلغ عامه الستين، بعد إصابته بداء السرطان، وقد واجه المرض بقوة وإيمان ورجاء، وهذه الفضائل الثلاث ميزت حياته كلها. ووصفه رئيس أساقفة باليرمو الفخري الكاردينال سالفاتوريه دي جورجي بـ”مجنون المسيح”، قائلا إنه كان فخر جميع العلمانيين وسكان باليرمو الأحباء، مثل ما كان الكاهن الطوباوي بينو بولييزي بالنسبة لكهنة باليرمو.
تمكن الأخ بيادجو من تأسيس جمعيات خيرية، وكان قادرا على إيقاظ الضمائر، صلى وصام وجال في إيطاليا وأوروبا محاولا أن يحرك قلوب المواطنين والمؤسسات ومسلطاً الضوء على ضرورة الالتزام لصالح السلام والأشخاص الضعفاء، والتعايش السلمي بين الشعوب. ومما لا شك فيه أن النضال السلمي الذي قام به ترك بصمة كبيرة في حياة الكنيسة ويشكل اليوم إرثاً للكنيسة والمجتمع على حد سواء.
في الذكرى السنوية الأولى لرحيله أطلقت مبادرات كثيرة في باليرمو وضواحيها، من بينها افتتاح مركز للضيافة خلال الأيام القليلة الماضية يضم كابلة كُرست للعذراء سيدة لوريتو، وترأس أول قداس إلهي فيها الأب بينو فيترانو، الذي قام – بالتعاون مع المرسل الراحل – بتأسيس “رسالة الرجاء والمحبة” في العام ١٩٩٣. كما عُقد مؤتمر يوم الخميس الفائت حول موضوع “كاريزما وروحانية رسالة الرجاء والمحبة”، وتم أيضا تقديم كتاب جديد صدر عن دار النشر San Paolo بعنوان “أيمكنني أن أدعوكَ أخي؟” يتناول سيرة حياة الراحل.
المجلد الجديد يتضمن مقدمة بقلم المطران لوريفيشي الذي تذكر تعيينه أسقفاً على باليرمو في العام ٢٠١٥ وتحدث عن لقائه آنذاك مع الأخ بيادجو، مضيفا أن الرجلين التزما لصالح كنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء، كما يقول البابا فرنسيس، وفي التعاون مع الحبر الأعظم كي يكون للكنيسة وجه يُشبه معلمها وربها يسوع المسيح. وقد أكدا أنهما سيكونان مرسلَين للمحبة والرجاء والسلام، والحوار واللقاء بين الثقافات والأديان المختلفة، وسيعملان على بناء مدينة مضيافة وأخوية.
يتضمن الكتاب أيضا شهادة للكاهن بينو فيترانو يتحدث فيها عن اللقاء الأول الذي جمعه مع الأخ بيادجو ولم يفارقه من حينها. وأكد أن الرب بدأ يعمل من خلال هذا المرسل، لافتا إلى أن الرسالة مستمرة اليوم، وهي عبارة عن عمل يقوم به الله خدمة للبشر وهو يستخدم الأشخاص لينجزوا كل ما يريد.