بارولين: البابا يدعو إلى إعطاء دفع جديد لمؤتمر الأطراف حول المناخ في عالم آخذ بالتفتت

عشية توجهه إلى دبي للمشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ Cop28 كان لأمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين لقاءٌ مع وسائل الاتصالات الفاتيكانية عبر خلاله عن مخاوف البابا فرنسيس وتطلعاته فيما يتعلق بالأزمة المناخية، كما تطرق إلى الحروب والانقسامات التي يعاني منها عالمنا المعاصر، وعاد نيافته ليؤكد أن الكرسي الرسولي ملتزم في عملية بناء السلام.
الكاردينال بيترو بارولين يقود بعثة الكرسي الرسولي إلى مؤتمر Cop28 وقد وصل إلى المدينة الإماراتية هذا الجمعة حيث كان من المرتقب أن يرافق البابا فرنسيس علماً أن الزيارة البابوية ألغيت لأسباب صحية.
استهل نيافته حديثه لافتا إلى أن الحبر الأعظم مدرك تماما أن ثمة ضرورة للتدخل فوراً من أجل الاعتناء ببيتنا المشترك، وهذا الأمر يتطلب اتخاذ مواقف شجاعة، وإعطاءَ دفع جديد للسياسات المحلية والدولية كي لا يُهدَّد مصير الإنسان بسبب مصالح أحاديةٍ وقصيرة النظر. وأضاف أن الحبر الأعظم لم يتمكن من الذهاب إلى دبي بيد أن قرار المشاركة في هذا المؤتمر يتضح بشكل جلي في الإرشاد الرسولي الأخير “سبحوا الله”، الذي نُشر بعد ثماني سنوات على الرسالة العامة “كن مسبحًا”، وشاء فرنسيس من خلاله أن يعبر عن مخاوفه حيال البيت المشترك، وهو يرى أن العالم آخذ بالتفتت وقد اقتربنا على ما يبدو من نقطة اللاعودة. وأكد بارولين أن الدراسات العلمية تسلط الضوء على التأثيرات الخطيرة للتغيرات المناخية، كما أننا نشهد يومياً ظواهر طبيعية خطيرة تؤثر على حياة السكان لاسيما الأكثر هشاشة، الذين هم مسؤولون أقل من سواهم عن الأزمة.
بعدها انتقل المسؤول الفاتيكاني إلى الحديث عن الصراع الدائر اليوم بين إسرائيل وحماس، وقال إن الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس ومنظمات فلسطينية أخرى ضد السكان الإسرائيليين في السابع من أكتوبر الماضي سبب جرحاً عميقاً لدى الإسرائيليين ولدينا جميعاً. وأضاف أن أمن السكان عُرض للخطر، وهذا ما تحدث عنه البابا بعد أيام قليلة على الهجوم، لافتا إلى أن الإرهاب والتطرف لا يساعدان في التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بل يغذيان الكراهية والعنف والثأر، ويزيدان من آلام هذا الطرف وذاك.
وأكد بارولين أن عملية السلام التي كانت تعاني أصلا من التباطؤ والجمود، باتت اليوم أكثر تعقيدا، متسائلا ما إذا كان هذا هدفَ الإرهابيين، خصوصا وأنه لا توجد لدى مقاتلي حماس أي إمكانية في الأفق للسلام مع إسرائيل، بل يريدون زوالها. وذكّر نيافته بأن هذا الموقف يتعارض مع سياسات السلطة الوطنية التي أكدت دائماً أنها تريد الحوار مع إسرائيل والتوصل إلى حل الدولتين. وتمنى نيافته في هذا السياق أن يعود الطرفان إلى الحوار الصادق، مع أن الإمكانات تبدو اليوم ضئيلة جدا، مشيراً إلى أنه في الحدائق الفاتيكانية ما تزال توجد شجرة الزيتون التي غرسها عام ٢٠١٤ الرئيس الإسرائيلي بيريز والرئيس الفلسطيني عباس مع البابا فرنسيس والبطريرك برتلماوس. وقال: ما نزال نسقي الشجرة بمياه الأمل التي تنبع من الصلاة ومن العمل الدبلوماسي أيضا.
وإذ عبر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن ارتياحه للتوصل إلى اتفاق الهدنة بين الطرفين، لم يخف قلقه حيال الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، حيث سقط آلاف الضحايا، حوالي خمسة عشر ألفاً، ناهيك عن الجرحى والمفقودين. وأضاف: يبدو أنه لا يوجد مكان آمن، إذ إن القصف لم يوفر المدارس والمستشفيات ودورَ العبادة. وحيا نيافته الجهود التي تقوم بها مصر والأردن وقطر والإمارات من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني. كما عبر عن امتنانه للجهود التي تبذلها وكالات الأمم المتحدة في غزة.
وشاء أن يذكّر بكلمات البابا فرنسيس الذي قال إن الصراع الدائر في الأرض المقدسة يلامس قلوب ومشاعر الجميع، وثمة غضب حيال ما جرى في السابع من أكتوبر، وحيال ما يحصل اليوم في القطاع، فضلا عن تبعات الحرب على بعض الدول الأخرى، بما في ذلك تنامي معاداة السامية في العديد من البلدان. وأضاف بارولين: لقد رأينا بصيص نور في المفاوضات التي أدت للتوصل إلى هدنة والإفراج عن عدد من الرهائن الإسرائيليين وبعض الرهائن من جنسيات أخرى. وقال: لقد علمنا وللأسف أن القتال استُؤنف، لافتا إلى أن الكرسي الرسولي يتمنى أن يتوقف العنف في أقرب وقت ممكن.
لم تخلُ كلمات الكاردينال بارولين من الحديث عن الصراع الروسي الأوكراني ولفت إلى أن التزام الكرسي الرسولي لصالح السلام ما يزال كما هو، ويبقى منصباً على المسائل الإنسانية بنوع خاص، لاسيما فيما يتعلق بعودة القاصرين الأوكرانيين إلى بلادهم. وختم نيافته حديثه الصحفي بالقول إنه إزاء المآسي التي ترزح البشرية تحت وطأتها نشعر بأننا خاسرون وقد نستسلم لمشاعر اليأس والقضاء والقدر. وأضاف أنه يود أن يضم صوته إلى صوت البابا فرنسيس داعيا الجميع إلى الحفاظ على الأمل، خصوصا عندما تبدو دروب الحياة وعرة ومحفوفة بالعراقيل. وهذا الأمل يتطلب شجاعة التصرف وجرأة التخلي عن الشرور وتخطي المصالح الشخصية بغية زرع السلام بصبر وثقة.