لمناسبة عيد القدّيس جان باتيست دلاسال، مؤسّس المدارس المسيحيّة “الفرير”، احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر، خرّيج المدرسة، بالقدّاس الإلهي في كنيسة مدرسة الفرير – مون لاسال في عين سعادة، بدعوة من رابطة القدامى فيها، عاونه فيه الخوري جورج قليعاني والخوري يوحنا حبيب البويز، وبمشاركة المسؤول عن جماعة الإخوة في المدرسة الأخ إميل عقيقي ورئيس المون لاسال الأخ أرسينيو كاربينتيرو والأخ ألخندرو بيريز، وبحضور النواب إبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا وسيزار أبي خليل وبيار بو عاصي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيّة، وعدد من العمداء والشخصيّات العسكرية والأمنيّة، ورئيس الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم روجيه هاني، وشخصيّات سياسيّة وقضائيّة ونقابيّة وصحيّة واجتماعيّة وثقافيّة، ومدير المدرسة الدكتور إدوار اسبنيولي، ورئيس رابطة القدامى جورج خوري وأعضاء الرابطة، وحشد من خرّيجي المدرسة منذ عام ١٩٧٣.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها:
“أشكر رابطة قدامى مدرسة الفرير المون لا سال على مبادرتها هذه بدعوتنا جميعًا للاحتفال معًا بالقداس الإلهي في حرم مدرستنا التي عشنا فيها كلّنا أيام طفولتنا وشبابنا. إنّه لشرف لي أن أصلّي معكم لمناسبة عيد القدّيس جان باتيست دلاسال مؤسّس جمعيّة إخوة المدارس المسيحية على نيّة هذه المؤسسة العريقة، وعلى نية أهلها وطلابها ومعلميها وموظفيها والإخوة الذين فيها مع القدامى الحاضرين ومع الذين لم يستطيعوا الحضور.
جميل أن يعود المرء إلى حيث نشأ ورفاقه لتعود إليه الذكريات الحلوة معهم ومع الإداريّين والأساتذة والإخوة ممّن طبعوا شخصيّته. جميل أن نعود، ليس لنتذكّر فقط بل لنشكر الربّ أيضًا على تلك الأيام وأولئك الأشخاص وتلك النعم المستترة الذين جعلوا من حياتنا حلوة ومثمرة.
فكرة واحدة سأتأمّل فيها وإيّاكم، فكرة تمرّ ببالي حين أمرّ إلى جانب هذه المدرسة أو ألتقي أحد الإخوة الكرام. يتركون عائلتهم وحيّهم وحتى بلدهم، ويتخلّون عن امتيازات الكاهن وعن الاحتفال بالقدّاس وببقيّة الأسرار ليهبوا حياتهم بالكامل لتربية الأولاد وخصوصًا الأولاد الفقراء. تربية النشء هي منطلق دعوتهم، وتربية النشء هي رسالتهم، وتربية النشء هي هدفهم والطريق التي اختاروها لبلوغ القداسة.
عرف القديس جان باتيست ومعه إخوة المدارس المسيحية أنَّه من دون تربية لا صلاح في الناس أو العائلة أو المجتمع. عرفوا أنَّه من دون تربية تضعف المحبّة والتعاضد بين الناس وتندر أعمال المحبّة والخدمة المجانيَّة. عرفوا أنّهم بتكريس ذواتهم للتربية وحدها يتممون مشيئة الآب والابن.
ومنهم يا إخوتي وأخواتي يجب أن نتعلّم أهميّة التربية في بناء الإنسان والعائلة والكنيسة والمجتمع والوطن، وأن نهب من أجلها الوقت والجهد والبحبوحة والامتيازات. فعلى الأهلين أن يكرّسوا الوقت، ولو بعد يوم عمل طويل، لتربية أولادهم والإصغاء إليهم وتقديم النصح لهم. وعليهم أن يبذلوا الجهد في حماية أولادهم، من دون التضييق عليهم حتمًا، من المؤثرات السلبيّة على فكرهم وقيمهم وطريقة عيشهم. على الوالدين أن يكونوا حاضرين لأولادهم، ويربّونهم بالمثل قبل الكلام ولو تطلب ذلك تقشفًا في العيش واكتفاءً بالأساسي والتفريطَ بامتيازاتٍ تزول بزوال الأزمنة والأوقات.
إخوتي وأخواتي، نردّد لبعضنا البعض كيف أنَّ نَشْأنا اليوم هو مختلف وكم هو صعبٌ التعامل معه. نتحدّث عن منطقه وتصرّفاته التي لا نفهمها ونسألُ أين العلاج؟ التربية بالنصح والمثل هي العلاج، والعنايةُ بأولادنا وأحفادنا أوّلًا هي أساسيّة، والحضورُ معهم وإلى جانبهم والحوارُ معهم والإصغاءُ إلى أفكارهم وأحلامهم وإلى حاجاتهم ومخاوفهم هي أمور لا يستغنى عنها. فلنربِّ ونكرّس ذواتَنا للتربية على مثال من ربّونا حتى لا نندم حين لا ينفع الندم”.
وكانت كلمة للأخ إميل عقيقي تحدث فيها عن شفيع المدرسة القديس جان باتيست دو لاسال، وشكر فيها صاحب السيادة، الذي هو من قدامى المدرسة، على احتفاله بالقدّاس الإلهي.
ومن جهته، شكر رئيس رابطة القدامى جورج خوري كلّ الخريجين على مشاركتهم الدائمة في النشاطات التي تهدف إلى اجتماع القدامى من مختلف الدورات، ووفائهم للمدرسة التي تثبت يومًا بعد يوم أنّها أهدت الوطن ومجموعة كبيرة من البلدان طاقات بشريّة تساهم في إعلاء شأن المجتمعات التي يعملون فيها، من خلال المهن التي اختاروها لخوض الحياة على هذه الارض، من دون أن يتخلّوا عن التعاليم الروحيّة والإنسانيَّة التي أكسبتهم إيّاها على مقاعدها الدراسية.
وبعد القدّاس الإلهي، التقى القدامى في باحة الكنيسة والتقطت الصور التذكاريّة.