المطران عبد الساتر : من ينتخب مسؤولاً فاسدًا يُسهم في انتشار الفساد ومن يتزلّم لزعيم يشجّعه على التسلّط ومن ينفِّذ الأوامر من دون الإصغاء إلى صوت ضميره يشارك في ظلم الآخر

لمناسبة عيد القدّيسة ريتا، احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر بالقدّاس الإلهي في كنيسة القدّيسة ريتا في سن الفيل، عاونه فيه خادم رعيّة السيّدة والقدّيسة ريتا الخوري جورج شهوان وخادم الكنيسة الخوري مروان عاقوري والخوري جان باخوس والأب ميشال – ماري بركات، بمشاركة لفيف من الكهنة والآباء والشمامسة، وبحضور رئيس بلديّة سنّ الفيل نبيل كحالة وأعضاء المجلس البلدي، ومخاتير البلدة، ورئيس المجلس العام الماروني ميشال متّى وعدد من أعضاء المجلس، وحشد من المؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها:
– نجتمع في هذا المساء لنحتفل معًا بعيد شفيعة هذه الكنيسة القدّيسة ريتا، وهي المعروفة في العالم أجمع بشفاعتها الناجعة في الأمور المستحيلة. فكثيرون يلجأون إليها حين يواجهون أمورًا صعبة في حياتهم ويأملون في أن تعينهم على إيجاد الحلول لها.
سأتأمّل وإيّاكم في فكرتين اثنتين:
– الفكرة الأولى: أن نطلب شفاعة القديسة ريتا في مواجهة الأمور المستحيلة والصعبة لا يعني فقط أن تعمل هي على حلحلتها من أجلنا. أن نطلب شفاعتها يعني أيضًا أننا نطلب منها أن تعلِّمنا كيف نعيش المحن التي نمر بها بإيمان ورجاء كما فعلت هي وليس في الكفر واليأس. ووجودكم في هذه الكنيسة وصلاتكم التي ترفعونها لا يعنيان سوى أنكم مستعدون لعيش الصعوبات في حياتكم برجاء وإيمان ومحبة.
– والفكرة الثانية: جميعنا يتذمرّ من الحال التي وصلنا إليها في وطننا لبنان، حال من غلاء في المعيشة، وعدم استقرار، وتنافر وحقد بين الأشخاص والجماعات، وإجرام وسرقات، وفساد وتسلّطٍ وظلم والذنب هو دومًا ذنب الآخرين. جميعنا يتذمرّ من حال أصبح من المستحيل العيش فيها فنتوجه في صلاتنا إلى القديسين ليرتبوا أحوالنا ويعيدوا إلينا لبنان الرخاء والبحبوحة والسلام.
وننسى أننا كلّنا مسؤولون وبدرجات معيّنة عن هذه الحال التي نحن فيها. فمن ينتخب مسؤولاً فاسدًا يُسهم في انتشار الفساد ومن يتزلّم لزعيم يشجّعه على التسلّط ومن ينفِّذ الأوامر من دون الإصغاء إلى صوت ضميره يشارك في ظلم الآخر. أما من لا يحب يصير قادرًا على احتكار لقمة العيش للجائع وعلى سرقة تعب الآخرين وعلى قتل السمعة والجسد. والذي يربي أولاده على التعصّب وعلى رفض أخيه بسبب لونه أو دينه أو جنسه يحوِّلهم حتمًا إلى محاربين يقاتلون الآخر المتميّز عنهم ولو كان أخوهم في الوطن.
– إخوتي وأخواتي، لا يكفي أن نصلي ونطلب شفاعة القديسين لتتغيَّر حالنا في لبنان بل علينا أن نتغيَّر نحن أوّلًا في قلبنا وفكرنا وأعمالنا، بنعمة الروح القدس الفاعل فينا وبشفاعة القديسة ريتا، فيتغيّر وجه العالم. آمين”.
وكانت كلمة للخوري مروان عاقوري توجّه فيها إلى صاحب السيادة بالقول: “أحببتُ الربّ يسوع أكثر يوم التقيتُهُ بأشخاصٍ أحبّوه بكلّ ما فيهم، وأحببتُ خدمتي الكهنوتيّة أكثرَ يوم التقيتُ بكاهنٍ يعيش كهنوتَه بمحبّةٍ وبَذْلٍ، بتواضعٍ وتجرّدٍ وامّحاء!
شكرًا لك سيدنا لأنّك أنت هو هذا الكاهن!
شكرًا للربّ لأنّك يا سيدنا علامةُ رجاءٍ لوطنِنا الرازح تحتَ أثقالِ صلبانِهِ وعلامةُ رجاءٍ للكنيسة الحاجّة صوب الملكوت!
شكرًا لك، لأنّ حضورَك في رعيّتنا، رعيّتِك، هو العيد!
شكرًا لك لأنّك انعكاسُ محبّةِ ربّنا يسوع المسيح وعلامةُ وحدتنا المنظورة!
شكرًا لك على محبّتك وصلاتك وعنايتك بأبرشيّتنا أبرشيّةِ بيروتَ المارونيّة بشرًا قبل الحجر!
باسمي وباسم كهنة رعيّتنا ولجنة الوقف وجماعات وأبناء وزوّار كنيسة القدّيسة ريتا نرفع صلاة شكر من أجل سيادتك ضارعين إلى الله بشفاعة أمّنا مريم العذراء والقدّيسة ريتا كي يحفظك راعيًا وأبًا لنا وللأبرشيّة.
كلّ عيد وسيادتُك راعينا وأبانا!”.
وبعد القدّاس الذي خدمته جوقة الرعيّة، التقى المطران عبد الساتر جماعات كنيسة القدّيسة ريتا في الصالون.