بمناسبة عيد القديسة تريزياالطفل يسوع، إحتفل المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة في مدرسة القديسة تريزيا، أميون، بالقداس الالهي وذلك يوم الأحد 29 أيلول 2024. عاونه الخوري طوني حنا خادم الرعية، بحضور الاخت أتيان جرجس الرئيسة العامة لراهبات القديسة تريزيا الطفل يسوع وجمهور من الراهبات والعائلة التربوية في المدرسة وأبناء الرعية والجوار.
بعد الانجيل المقدس، دعا سيادته الجميع في بداية العظة، للصلاة من أجل لبنان، في هذه الأوقات الصعبة جداً والمؤلمة جداً ولا شيء إلا الصلاة يساعدنا حتى نفهم ونستوعب ونقرأ علامات الأزمنة، ولنُجدّد إيماننا بالربّ بالرجاء الثابت بالمسيح، ونعيش المحبة أمام هذه الأحداث المؤلمة وأمام كل الجرحى والضحايا والناس المشرّدة من بيوتها. طالبين من الرب أن لا تطول هذه الغيمة، وقد لمسنا محبة الله من خلال التضامن والاستقبال الذي لمسناه في أهلنا وشبيبتنا مع أخوتهم المتألمين.
وأكمل سيادته، نُصلّي من أجل لبنان حتى يُحافظ على هويته ورسالته، ليبقى أكثر من وطن، رسالة، رسالة المحبة، الحوار، التعدّديّة، الحرية، بعيشه الواحد، بهذا التنوّع الديني والإجتماعي، المثال والقدوة بكل العالم من خلال هذا الإختبار العيش الواحد، العيش معاً.
وهذا يتطلّب وعياً وروحانية، فالاستقبال والمحبة والمساعدة تعبير عن روح الله الموجود فينا وهذه كانت روحانية القديسة تريزيا، الراهبة التي دخلت طفلة إلى الدير وغاصت بالحبّ الإلهي وكتبت كتابات جميلة جداً.
وأضاف، من العناوين، نفهم روحانيتها: طريق صغير ومستقيم، طريق الأشياء الصغيرة… تُركّز على الأشياء الصغيرة، لذلك سُمّيت بـ”تريزيا الصغيرة” الطفل يسوع. يسوع يريد تواضع القلب والفوز يكون بالمسيح وفي قلب الكنيسة سأكون الحبّ، من العناوين أيضاً هو محبتها للعذراء مريم، هذا الإرتباط الذي من خلال العذراء مريم جعلها تُحقّق رسالة الكنيسة: “لماذا أُحبّك يا مريم، لقد أعطاني الرب، هي تقول لقد أعطاني رحمته اللآمتناهية، وتقول: يا رب أنت شفيتني” وتتطور حياتها الروحية لتقول عن الموت: “أنا لا أموت بل أدخل الحياة”، وقالت: “أنا أمشي من أجل التبشير” وهي لم تخرج من الدير.
هذه العناوين التي كتبتها وتأمّلت بها، تبقى معاصرة لأنّنا نحن اليوم بمجتمعنا وبيئتنا نُفتّش عن الإنجازات الكبيرة والمميّزة بينما تريزيا تقول لنا: فتشوا عن الصغير، لأنّ هذا الصغير عندما تعيشوه بحبّ هو الكبير، هذا الصغير عندما يُعاش بروحانية، بإتّكال على نعمة الرب وعلى عناية الرب، هو الأعظم.
أولم تنشد مريم: “أنزل المتكبّرين عن الكراسي ورفع المتواضعين”، تريزيا اليوم تُعلّمنا التواضع بالكنيسة، بالإطار الكنسيّ، بمؤسّساتنا الكنسيّة، برعايانا، بأبرشيّاتنا، ولكن تريزيا تُعلّمنا التواضع بالوطن، بالحياة المدينة الوطنية، لماذا وصلنا لهذا في وطننا؟ لأنّه ليس هناك تواضع بتحمّل المسؤولية، ليصبح هو المحور لكل شيء، وينسى أنّ المسؤولية التي دُعيَ لها هي لأجل خدمة الفقراء، لأجل التضامن مع الناس، هي من أجل خدمة الخير العام وليس خيره الشخصيّ والعائليّ والحزبيّ الضيّق. تواضع تريزيا اليوم يُعلّمنا التواضع، لن يكون عندنا لبنان من دون تواضع.
في الشرق نحن نؤلّه الأشخاص، وننسى أن نحترم الدستور والتنظيم العام لخير الإنسان، لخير كل مواطن ومواطنة وهذه أزمة كبيرة جداً. فتريزيا اليوم تُعلّمنا محبة الكنيسة، “في قلب الكنيسة أمي سأكون الحبّ”، الجملة الرائعة التي كتبتها، تدل عن عمق بروحانيتها، بلآهوتها بإنسانيتها، بإنتمائها الكنسي، الكنيسة التي أحياناً كثيرة نعتقد أنّها المطران وبعض التنظيمات رهبان وراهبات وبعض مؤسّسات… الكنيسة هي شعب الله.
وختم سيادته، بشكر الربّ على تريزيا، وعلى أخوات تريزيا اللواتي يحملن هذا الإسم، نشكر الربّ على هذه الرعية وحضوركم وهذه المدرسة ودورها ورسالتها، نطلب من الربّ أن يباركنا ويحمي وطننا، له المجد إلى الأبد آمين.