جال رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في البقاع الغربي متفقداً أوضاع الرعايا، فترأس قداس “احد السامرية” في كنيسة القديس جاورجيوس في كفريا، وهو قداسه الأول في البلدة بعد توليته على الأبرشية، بمشاركة كاهن الرعية الأب نقولا صليبا، رئيس مدرسة اكليركية القديسة حنّة في رياق الأب ايلياس ابراهيم، في حضور راهبات المحبة (بيزنسون) في مركز “فرسان مالطا” في كفريا، الأخت الرئيسة ماري فينسان كريّم، الأخوات انعام ضو، فيرا ابي خرس وايلين كريم، مختار خربة قنافار جميل نعيم وحشد من المؤمنين من كفريا والبلدات المجاورة.
وكان للمطران ابراهيم بعد الإنجيل عظة جاء فيها: “أخاطبكم اليوم بكلمات من القلب، وذلك بمناسبة قداسي الأول عندكم في هذه الكنيسة المقدسة، كنيسة مار جاورجيوس في بلدتكم الغالية كفريا، البقاع. يعتبر هذا اليوم ليس فقط يوماً للاحتفال والفرح، بل يوماً للتأمل والتفكر أيضاً، فنحن نجتمع هنا لنشكر الله على هذه النعمة العظيمة ولنستلهم من روح القديس الشهيد جاورجيوس الشجاعة والإيمان. جاورجيوس هو اسم يعني الحارث أو الفلاح، هو يعرف قيمة هذا السهل وهذه الأرض وهذه البلدة. هو صديق التراب والزرع والإنماء. الانسان ابن بيئته وأرضه وأبناء كفريا كما عرفتهم وسمعت عنهم، يشبهون جاورجيوس المقدام، الذي لم يعرف يوما طعم الهزيمة والخسارة. هذه صفته الأساسية لذلك دعي بالمظفر. أي المنصور والغالب بنعمة الله لكل الشر والتجارب والضعف والتراخي. أن يكون جاورجيوس شفيعَكم يعني أنكم تحملون حربة القداسة وتمتَطون حصان الفضيلة والشجاعة وتتغلبون على تنانين الأنانية والظلم والفساد، وتحرُسون وتخلِّصون ابنة الملك، أي الكنيسة، من الشرير الذي لا يتكاسل في العمل على هدمها ومحوها لأنها ضمير العالم الذي لا يتوقف عن تأنيب الفاسدين والمفسدين في الأرض. أنتم جاورجسيون، ذلك يعني أنكم كشفيعكم في الثبات في الإيمان حتى الشهادة. انتماؤكم لشفيعكم يعني أن تردموا كلَّ هوة قد تُبعِدُكم عنه وعن الاقتداء به. مار جاورجيوس ينطبع في فكر وقلب وكيان من اتخذوه لهم شفيعا ومثالاً. إن لم تكونوا كذلك، تُفرغون، لا سمح الله، اسم كنيستكم من هدفه ومعناه. لا تنسَوا كنيستكم ولا تتخلَوا عن شفيعكم”.
تابع: “إننا في لبنان، بلد الأرز والثقافات المتعددة، نحمل تاريخاً عريقاً مليئاً بالتحديات والصعوبات لكثرة الغزاة والازمات التي ضربت تاريخه. لقد شهدت هذه الأرض الطيبة تداولاً دائماً بين الأزمات والصراعات، ومع كل عقبة تَظهَرُ شجاعةُ شعبِنا واستمراريتُه في مواجهة التحديات. وفي قلب هذا الصراع وقف دائماً شهداؤنا، الذين بذلوا حياتهم من أجل الحرية والكرامة والعدالة. وها نحن في كنيسة شهيد مُظَفَّر، القديس جاورجيوس، رمز الشجاعة والصمود. فقد كان جاورجيوس، بتفانيه وإيمانه، مثالاً للإرادة والثبات الذي يمكن للإنسان أن يتحلى به في وجه المحن والشدائد. وكما قاتل جاورجيوس من أجل الحق والعدالة، نجد في تاريخنا اللبناني الكثير من الأمثلة عن النضال من أجل الحرية والكرامة. مع كل هذه الصعوبات والتحديات، بقي لبنان دائماً ملاذاً للتنوع والتعايش. إن تلاحمنا كشعب واحد مع تنوعنا الديني والثقافي، هو ما يجعلنا أقوياء، فخورين بأصالتنا وهوية بلدنا. بلدُنا بلدٌ رائع وشعبنا شعبٌ رائع. أمّا كيف وصلنا إلى سوء الطالع الذي نعيش فيه اليوم تحت هيمنة طبقة سياسية غلبتها نرجسيةٌ قاتلة وعُقَدُ عِشقِ الذاتِ المميت، فالإجابةُ على هذا السؤال فيها من القساوة ما يمنعني عن التفوّهِ بها في هذا المكان المقدس”.
وقال: “من ناحية أُخرى، لا يمكنني تجاهل دور الأفراد الخيِّرين الذين يعكسون القيم الوطنية والإنسانية والإيمانية في حياتهم اليومية. فأود أن أُشير إلى الآنسة الفاضلة عفيفة مينا، ملاك الكنيسة الحارس، التي أصبحت رمزاً للثبات في أرض الآباء والأجداد وللإيمان بالوطن، ببقائها في بلدتها بين أهلها المسلمين والمسيحيين. وكذلك، أريد أن أُحيّي شقيقها الصديق الغالي عبدالله مينا، الذي عشنا معه في كليفلند، أوهايو سنوات طوال، شوقَ المغتربين لبلادهم الأم ومحبتَهم العميقة، لا بل عشقَهم للبنان”.
ختم: “كم أود أن أعبر عن سعادتي البالغة بأن أكون معكم اليوم، في هذه البلدة الفائقة الجمال، بين أهلها الطيبين وتاريخها العريق. إنني أتطلع إلى أن نستمر معاً في بناء مستقبل مشرق لبلدنا، بروح الوحدة والتضامن. فلنتذكر دائماً أنَّ كلَّ واحدٍ منا، يمكن أن يكون مصدراً للأمل والتغيير في مجتمعنا. فلندعو الله أن يمنحنا القوة والإرادة لنكون دائماً أمثلة للخير والعطاء. شكراً لكم جميعاً على حُسنِ استقبالكم وكرمكم ومحبتكم الكبيرة. المسيح قام حقا قام”.
بعد القداس التقى المطران المؤمنين في صالون الكنيسة واطمأن الى اوضاعهم.
المحطة الثانية في جولة المطران ابراهيم كانت في المركز الطبي لمنظمة مالطا لبنان في كفريا، حيث استقبلته الأخت الرئيسة كريّم والراهبات، وجال في اقسام المركز واطّلع على الخدمات المقدمة التي تغطي الحاجات الصحية والاجتماعية للقرى المجاورة. وأشاد بـ “الدور المركزي الذي يقوم به المركز في توفير الرعاية الطبية لأبناء المنطقة وبرسالة راهبات المحبة في رعايا البقاع الغربي”، وشكرهن على “خدمتهن في الأبرشية”. وتشارك معهن مائدة المحبة.
اختتم المطران ابراهيم جولته في قب الياس حيث زار اهل الشماس الياس خزاقة واطمأن الى اوضاعهم وشكر لهم تربيتهم الصالحة للشماس الياس وتمنى لهم دوام العافية والصحة.