اجتمعت عائلة الرابطة البولسية في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة حيث احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بالذبيحة الإلهية في الأحد الثاني بعد الفصح المعروف بالأحد الجديد او احد توما بمشاركة النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم، رئيس عام جمعية المرسلين البولسيين الأب مروان سيدي والآباء جورج باليكي والياس ابراهيم بحضور رئيس الرابطة بسام حداد، مدعي عام البقاع القاضي منيف بركات والأعضاء.
بعد الإنجيل المقدس الذي تلاه الأب سيدي كان للمطران ابراهيم عظة نوّه فيها بالرابطة البولسية ودورها وتحدث عن معاني انجيل الأحد الثاني بعد الفصح فقال :
” قبل أن أتشارك معكم ببعض أفكار روحية حول انجيل اليوم، أود أن أرحب بيننا برئيس وأعضاء رابطة خريجي جمعية مرسلين القدّيس بولس أو كما نسميها عادة الجمعية البولسية التي تأسست في حريصا في 15 آب 1903 على يد المطران جرمانوس معقّد، وهي جمعية حياة رسولية مؤلَّفة من كهنة وإخوة يعيشون في جماعة وتخضع لسلطة البطريرك الملكي الإنطاكي.”
واضاف” يتميز خريجو الجمعية البولسية بمستوى عالٍ من التحصيل العلمي والروحاني. فهم يتلقون تعليماً شاملاً يجمع بين الدراسات اللاهوتية واللغوية والعلوم الإنسانية، مما يمنحُهُم قاعدةً معرفية متينة وتحليليةً دقيقة.
فضلاً عن الدراسات الأكاديمية، تعمل الجمعية البولسية على تنمية القيم الروحية والأخلاقية، مما يؤدي إلى تخريج طلاب يتسمون بالتفكير النقدي والتعاطف مع الآخرين وخدمة المجتمع.
وبفضل التربية المتميزة التي يحصلون عليها، يلعب خِريجو الجمعية دوراً بارزاً في مختلف المجالات الكنسية والمدنية والاجتماعية. إن إرث الجمعية البولسية في حريصا يظل حيّاً من خلال تأثير خريجيها الذين يسعون إلى خدمة الانسان ونشر العلم والايمان في أرجاء العالم.
أيها الأحباء لكم أقول أهلا وسهلا بكم في كاتدرائية سيدة النجاة وفي هذه المطرانية التي هي بيتُكُم ايضاً.”
وتابع” بالعودة الى انجيل اليوم، نأخذ عبرة قيمة من قِصة شك الرسول توما. هذه القصة التي تعكس واقعَ حالنا الحاضرة.
نرى توما، وهو أحد الرسل، يعاني من شك وعدم يقين. إذ لم يؤمن بقيامة يسوع كما أخبره رفقاؤه، حتى يرى بنفسه علامات الجراح في يديه وجنبه. هنا، نجد أنفسنا في مواجهة تحدي الإيمان والشك، وهو تحدٍ يواجه الكثيرين منا حتى يومنا هذا.
ومع ذلك، عندما جاء يسوع مجددًا ووقف في وسطهم، لم يستبعد توما، بل دعاه ليمد يديه ويلمس جراحه، ليؤكد له بأنه هو الذي قام من بين الأموات. وهنا، نرى رحمة يسوع العظيمة وتفهمه لضُعف الإيمان والشك. فلم يعاقب توما على شكه، بل بالعكس، قدم له الدليلَ الحي الذي يحتاجُه ليؤمن.
ثم يقول يسوع لتوما ولكل من أتى بعده: “طوبى للذين آمنوا ولم يروا”. إنها دعوة لنا لنكون مؤمنين حقيقيين حتى في ظل الشك، لأن الإيمان ليس دائمًا مبنيًا على الرؤية الحسية، بل يتجلى في قلوبنا وأفعالنا وثقتنا بوعود الله.”
واردف سيادته” لذلك، إخوتي وأخواتي، دعونا نتعلم من توما أن الشك ليس نهاية الطريق، بل هو بدايةٌ لتصحيح إيماننا وتعميقه. نحن نعيش في عالم مليء بالشكوك والتساؤلات، ولكن يجب ألا تكون هذه هي نهاية القصة. بل يجب أن يكون الشك مِنصةً لنمتلك إيمانًا أكثر رسوخًا وثقةً أعمقَ في الله وفي وعوده.
فلنحتضن هذه الدعوة، ولنمد أيدينا بثقة لنلامس جراح يسوع، ولنؤمن بقلب صادق ومفتوح. فإننا عندما نؤمن دونَ أن نرى، فإن الطريق إلى النور يصير أكثر وضوحًا وسطوعًا.
فلنتذكر دائمًا: “طوبى للذين آمنوا ولم يروا”. هذا ينطبق علينا أيضاً عندما نؤمن بالآخر الذي بيده حياتُنا دون أن نعرف أي شيء عنه، كالسائق والطيَّار والطبيب والطباخ وغيرهم. العالم لا يمكن أن يستمر دون الثقة والإيمان بالآخر، خصوصا داخل العائلة والعمل والمجتمع.
أدعوكم جميعًا إلى أن نقتدي بتوما في تصحيح شكوكنا وتعزيز إيماننا، ولنعش حياةً مملوءةً ثقةً في الله ورحمته.”
وختم المطران ابراهيم” فلتكن أفعالنا وكلماتنا دائمًا شاهدًا على إيماننا الحقيقي وثقتنا الكاملة بالمسيح. أسأل الله أن يمنحنا القوة والثبات لنحيا وفقًا لإرادته ونكون شهودًا حقيقيين لمحبته ورحمته. آمين.”
بعد القداس التقى الجميع في قاعة المطران اندره حدداد حيث جرى تكريم اعضاء الرابطة الذين بلغوا الثمانين من العمر.