البطريرك يونان يترأّس قداس الأحد الخامس بعد القيامة ويتوجّه بالتهنئة والمعايدة من رؤساء وأعضاء الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة التي تحتفل بعيد القيامة بحسب التقويم اليولياني (الشرقي)

في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 5 أيّار 2024، ترأّس غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي الذي احتفل به الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، بمناسبة الأحد الخامس بعد عيد القيامة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، توجّه غبطة أبينا البطريرك “بالتهنئة القلبية إلى إخوتنا أصحاب القداسة والغبطة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة التي تحتفل اليوم بعيد قيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات بحسب التقويم اليولياني (الشرقي)، وبخاصّة من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة. وبهذه المناسبة نتمنّى لجميع أحبّائنا في الكنائس الشقيقة أن يحتفلوا بعيد القيامة بالفرح والرجاء”، سائلاً الله “أن يزيل هذه المِحَن التي ألمّت بنا، إن كان هنا في لبنان أو في بلاد الشرق، كي نستطيع أن نعود إلى حياتنا بشكل طبيعي في أقرب وقت”.
وأردف غبطته: “إنّنا إذ نعايد إخوتنا وأخواتنا في الكنائس الأرثوذكسية بعيد قيامة الرب يسوع، نؤكّد أنّ العيد هو نفسه لدى جميع الكنائس، الاحتفال بقيامة المخلّص الفادي الذي صُلِب بإرادته على الخشبة، وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، كما يعلّمنا الإنجيل”.
وتحدّث غبطته عن “اليوم وهو الأحد الخامس بعد القيامة، فالخميس القادم هو خميس الصعود، أربعون يوماً بعد قيامة الرب يسوع”، شاكراً “المؤمنين على مشاركتكم وحضوركم في القداس كلّ يوم أحد، وهذا يعني الكثير، فالعالم اليوم مأخوذ بأمور دنيوية، وللأسف بات الشباب ينسون أنّه لا معنى حقيقي لحياتهم إلا إذا كانت متجاوبة مع الرب. إنّنا نشكر الشبّان والشابّات الذين يشاركون في القداس، لكنّ هذا الأمر يدفعنا كي نحثّ الأهل على تذكُّر مسؤوليتهم في تربية أولادهم التربية المسيحية الصالحة في البيت، كي يثبتوا متمسّكين بإيمانهم، ويكونوا مؤمنين ومواطنين صالحين، ولا ينجرفوا وراء تيّارات العالم، ونحن نسمع بالأخبار التي تردنا كلّ يوم من هنا وهناك، وهي مملوءة بالخطر على الشبيبة بسبب هذا الانفلات الحاصل في هذه الأيّام”.
ولفت غبطته إلى أنّه “بالعودة إلى إنجيل اليوم، فالسامريون كانوا فئة من الإسرائيليين، ولكنّهم في فترة معيّنة انعزلوا في شمال أورشليم في منطقة تُدعى السامرة. وفي كلّ مرّة كان يسوع يذهب من الجليل، من شمال فلسطين اليوم، إلى أورشليم، كان يمرّ بشكل عام في منطقة السامرة مع تلاميذه، وأحياناً يراهم بعض السامريين وهم لابسون ثياباً مثل اليهود، فلا يقبلونهم. لكن، وكما رأينا الأسبوع الماضي، فقد آمنت المرأة السامرية بيسوع، وبشّرت به أهالي بلدتها، حتّى أنّهم أخبروها بأنّهم لم يؤمنوا بيسوع لأنّها تكلّمت عنه أمامهم، بل لأنّهم سمعوه ورأوه بأنفسهم”.
وأشار غبطته إلى أنّ “الرب يسوع اجتاز بلدةً من السامرة مع تلاميذه، فلم يقبلهم أهلها، والتلاميذ كالعادة، وباندفاع بشري، سألوا يسوع أن يأذن لهم كي يطلبوا من السماء فتنزل نارٌ وتحرقهم. فطلب منهم يسوع أن يتمهّلوا، مؤكّداً لهم أنّ ابن الإنسان (أي يسوع) لم يأتِ ليهلك الناس، بل ليخلّصهم، وطلب منهم أن يكون قلبهم ممتلئاً بالرحمة تجاه الجميع، حتّى تجاه الذين لا يؤمنون بما يؤمنون هم به”.
وتناول غبطته “الأمثلة الثلاثة التي أعطاها يسوع عن الذي يريد أن يتبعه: فقد طلب الشخص الأول من يسوع، حين رأى الناس حوله، أن يأتي معه، وهذا يُبيِّن أنّ نيّته لم تكن سليمة، فقد كان يريد أن يقوم بشيء كي يُظهِر ذاته، لأنّ الناس باتوا يلتفّون حول يسوع، فيما هو يريد أن يذهب معه أيضاً. فأوضح له يسوع أنّه ليس لديه مكان يسند إليه رأسه، كيلا يعتقد هذا الشخص أنّ بإمكانه الوصول إلى مآربه. ورأى يسوع شخصاً ثانياً، فطلب منه أن يأتي معه، لكنّ هذا الشخص فضّل أن يتركه يسوع كي يذهب ويدفن أباه، ثمّ يأتي ويتبعه، أي أن يدَعَه مثلاً يقوم بواجباته العائلية تجاه أبيه، فيذكّره يسوع بأنّه صحيح أنّ إكرام الأهل ضروري، لكن هناك أمور أهمّ من ذلك. والشخص الثالث طلب من يسوع أن يسمح له بتوديع أهل بيته، فبيّن له يسوع بأنّه لا يمكن لمن يضع يده على المحراث أن ينظر إلى الوراء، لأنّ على الذي يحرث أن ينظر إلى الأمام كي يبقى خطّ الحراثة مستقيماً، وهكذا يستطيع أن يزرع. فعلى الذي يريد أن يتبع يسوع ألا ينظر إلى الوراء”.
ونوّه غبطته إلى أنّنا “في هذه الأيّام المباركة، ونحن نحتفل بقيامة الرب، نسأل الرب أن يجعلنا ننظر إليه دائماً، إلى يسوع القائم من بين الأموات، والذي يعطي معنىً لحياتنا. نطلب منه أن يبارك جميع المسيحيين كي يحتفلوا بعيد القيامة معاً، ويشهدوا بها أمام العالم. صحيح نحن كلّنا نؤمن بقيامة المسيح، لكن إن احتفلنا بالقيامة معاً، فتكون هذه شهادةً أقوى للعالم أنّنا واحدٌ في كلّ شيء، ولو أنّ الوحدة المنظورة لعيد القيامة هي عمل الله بالذات، عمل الروح القدس”.
وختم غبطته موعظته متضرّعاً “إلى الرب يسوع الذي صلّى كي يكون تلاميذه واحداً، أن يؤهّلنا كي نشهد له بوحدة القلب والنفس، بشفاعة أمّنا مريم العذراء التي نكرّمها ونتشفّع بها بشكل خاص في هذا الشهر، شهر أيّار، وبشفاعة جميع القديسين والشهداء”.
وفي ختام القداس، ترأّس غبطته زيّاح العذراء مريم تشفُّعاً بها في هذا الشهر المكرَّس لتكريمها.