البابا يستقبل جماعة مستشفى الطفل يسوع لطب الأطفال

“أحثكم لكي تواصلوا في وضع ثمار بحثكم في متناول الجميع، لا سيما حيثما يكون هناك حاجة ماسة إليها، كما تفعلون على سبيل المثال من خلال المساهمة في تنشئة الأطباء والممرضات الأفارقة والآسيويين والشرق أوسطيين” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى جماعة مستشفى الطفل يسوع للأطفال
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في الفاتيكان جماعة مستشفى الطفل يسوع لطب الأطفال وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أنا سعيد جدًا بلقائكم فيما تتذكرون الذكرى المئوية الأولى لتأسيس مستشفى الطفل يسوع لطب الأطفال. لقرن من الزمان، قدّمته عائلة سالفياتي للكرسي الرسولي: أول مستشفى حقيقي مخصص للأطفال. وقد قبل العطيّة البابا بيّوس الحادي عشر الذي رأى في العمل تعبيرًا لمحبّة البابا والكنيسة إزاء المرضى الصغار، وعرف منذ ذلك الحين بـ “مستشفى البابا”.
تابع البابا فرنسيس يقول لنتوقف للحظة للتأمل، بامتنان، في غنى هذه المؤسسة، التي تطورت على مدى قرن من التاريخ، مع تسليط الضوء على ثلاثة جوانب: العطية والعناية والجماعة. الجانب الأوّل: العطيّة. يعدُّ مستشفى الطفل يسوع لطب الأطفال اليوم واحدًا من أكبر مراكز أبحاث وعلاجات الأطفال في أوروبا، وهو نقطة مرجعية للعائلات التي تأتي من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يظل عنصر العطيّة أساسيًا في تاريخه ودعوته، مع قيم المجانية والسخاء والجهوزيّة والتواضع. من الجميل في هذا الصدد أن نتذكر لفتة أبناء الدوقة أرابيلا سالفياتي الذين، في بداية قصتكم، أهدوا أمهم حصالة النقود خاصتهم لبناء مستشفى للأطفال: هي تخبرنا أن هذا العمل العظيم يقوم أيضًا على العطايا المتواضعة، مثل تلك التي قدمها هؤلاء الأطفال لصالح أقرانهم المرضى. ومن المنظار نفسه، من الجيد أن نذكر في عصرنا سخاء العديد من المحسنين الذين بفضلهم كان من الممكن إنشاء مركز للرعاية التلطيفية في باسوسكورو للمرضى الصغار الذين يعانون من أمراض غير قابلة للشفاء.
أضاف الأب الأقدس يقول في هذا الضوء فقط يمكننا أن نفهم تمامًا قيمة ما تقومون به، من أصغر الأشياء إلى أكبرها، ويمكننا أن نواصل في الحلم للمستقبل. لنفكر، على سبيل المثال، في إمكانية إنشاء مقر جديد في روما، والذي تم مؤخراً وضع المسلّمات له، باتفاق بين الكرسي الرسولي والدولة الإيطالية. فضلا عن الالتزام الاقتصادي الكبير العادي وغير العادي المرتبط بحماية وصيانة الهيكليات والمعدات؛ وضمان الجودة المهنية للأطباء والعاملين؛ والبحث العلمي؛ وصولاً إلى استقبال الأطفال المحتاجين من جميع أنحاء العالم، بدون تمييز على أساس الحالة الاجتماعية أو الجنسية أو الدين. وفي هذا كله، تعتبر العطيّة عنصرًا لا غنى عنه في كيانكم وعملكم.
تابع الحبر الأعظم يقول الجانب الثاني: العناية. يمكننا أن نقول إن العلم، وبالتالي القدرة على العناية، هو أول المهام التي تميز مستشفى الطفل يسوع اليوم. إنها الاستجابة الملموسة التي تعطونها لطلبات المساعدة الصادقة من العائلات التي تطلب المساعدة لأبنائها والشفاء حيثما أمكن. ولذلك فإن التميُّز في البحوث الطبية الحيوية هو أمر مهم جدًّا. وبالتالي أشجعكم على تعزيزه مع الدفع بأن تقدّموا أفضل ما لديكم ومع اهتمام خاص بالأشخاص الأكثر هشاشة، مثل المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة أو نادرة أو نادرة جدًا. ليس هذا وحسب، وإنما لكي لا يبقى العلم والكفاءة حكرًا على القلة، أحثكم لكي تواصلوا في وضع ثمار بحثكم في متناول الجميع، لا سيما حيثما يكون هناك حاجة ماسة إليها، كما تفعلون على سبيل المثال من خلال المساهمة في تنشئة الأطباء والممرضات الأفارقة والآسيويين والشرق أوسطيين.
أضاف الأب الأقدس يقول وبالحديث عن العناية، نعلم أن مرض الطفل يؤثر على جميع أفراد عائلته. لهذا السبب، إنه لعزاء كبير أن نعرف أن هناك العديد من العائلات التي تتابعونها بخدماتكم، وتستقبلونها في الهيكليات المرتبطة بالمستشفى وترافقونها بلطفكم وقربكم. إنّه عنصر تأهيلي لا ينبغي أن تهملوه أبدًا، حتى لو كنت أعلم أنكم تعملون أحيانًا في ظروف صعبة. ولكن لنضحِّ بشيء آخر غير اللطف والحنان. إذ لا توجد عناية بدون علاقة وقرب وحنان على جميع المستويات.
تابع الحبر الأعظم يقول وأخيرا نصل إلى النقطة الثالثة: الجماعة. من أجمل العبارات التي تصف رسالة مستشفى الطفل يسوع هي “أرواح تساعد الحياة”. إنها جميلة، لأنها تتحدث عن رسالة نقوم بها معًا، من خلال عمل مشترك تجد فيه مكانًا موهبة كل شخص منكم. هذه هي قوتكم الحقيقية والأساس لكي تواجهوا أيضًا أصعب التحديات. إن عملكم في الواقع، ليس عملاً مثل العديد من الأعمال الأخرى: إنه رسالة يقوم بها كل شخص بطريقة مختلفة. بالنسبة للبعض، هو ينطوي على تكريس حياة بأكملها؛ وللبعض الآخر على تقديم وقتهم كمتطوعين؛ وبالنسبة للآخرين، على تقديم دمائهم، وحليبهم – لأطفال حديثي الولادة في المستشفى لا يمكن لأمهاتهم أن يوفِّرنه لهم – وصولاً إلى التبرع بالأعضاء والخلايا والأنسجة، التي يقدمها أشخاص أحياء أو المأخوذة من أجساد أشخاص متوفين. كذلك يدفع الحب بعض الآباء إلى القيام باللفتة البطولية المتمثلة في الموافقة على التبرع بأعضاء أطفالهم الذين توفوا. في هذا كلّه، ما يظهر هو “العمل معًا”، حيث تساهم المواهب المختلفة في خير المرضى الصغار.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أعترف لكم أنني في كلِّ مرة آتي فيها إلى مستشفى الطفل يسوع ينتابني شعوران متناقضان: أشعر بالألم لمعاناة الأطفال المرضى ووالديهم؛ ولكن في الوقت نفسه أشعر برجاء كبير، إذ أرى كل ما يتم القيام به هناك لعلاجهم. شكرًا لكم! شكرًا على كل هذا. وسيروا قدمًا في هذا العمل المبارك. أبارككم من كلِّ قلبي وأصلّي من أجلكم. وأنتم أيضاً، من فضلكم صلّوا من أجلي.