البابا يجدد التأكيد على أن الحرب هي هزيمة ويقول إنه سيزور دبي مطلع ديسمبر المقبل

في مقابلة مع محطة Rai التلفزيونية الإيطالية شدد البابا على ضرورة ألا نعتاد على الحرب، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في صناعة السلاح، وكشف أنه ينوي زيارة دبي مطلع كانون الأول ديسمبر المقبل لمناسبة انعقاد قمة المناخ “كوب ٢٨”. وفي سياق حديثه عن الهجرة شدد فرنسيس على ضرورة أن تكون أوروبا متضامنة مع المهاجرين.
في مستهل المقابلة التلفزيونية، التي بثتها قناة الراي الأولى Rai Uno مساء أمس الأربعاء، توقف الحبر الأعظم عند الحرب الدائرة في الشرق الأوسط وعاد ليؤكد أن كل حرب هي هزيمة بحد ذاتها وأن لا شيء يُحل بواسطة الحروب، بل يمكن كسب كل شيء من خلال السلام والحوار. واعتبر أنه في الحرب – كما يحصل اليوم بين إسرائيل وحماس – تنتج عن كل صفعة صعفةٌ أخرى، لافتا إلى أن الصراع يدور اليوم بين شعبين يتعيّن عليهما أن يعيشا جنبا إلى جنب، في إطار الحل الحكيم، حل الشعبين والدولتين، وبموجب اتفاقات أوسلو التي تحدثت عن قيام دولتين وعن وضع خاص لمدينة القدس.
بعدها ذكّر فرنسيس بالصلاة التي رُفعت على نية السلام في الأرض المقدسة، الأسبوع الفائت، وأكد أن العالم يجتاز اليوم “ساعة مظلمة جدا” ولا يجد القدرة على التفكير بوضوح، وهذا يشكل هزيمة إضافية، تزاد إلى الهزائم المتتالية التي شهدناها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لأن الحروب لم تتوقف. وقال إن المشكلة الرئيسة تكمن في صناعة الأسلحة التي باتت اليوم جاذبة للاستثمارات لكونها مربحة جدا. هذا ثم أشار الحبر الأعظم إلى أنه يتواصل هاتفياً كل يوم مع الكهنة والرهبان والراهبات المتواجدين في غزة، لافتا إلى أن الكنيسة المحلية تأوي حالياً خمسمائة وثلاثة وستين شخصاً، معظمهم مسيحيون ويوجد بينهم بعض المسلمين. وهناك أطفال مرضى تعتني بهم راهبات الأم تيريزا. وقال البابا: “أحاول أن أرافقهم كل يوم، والحمد لله أن القوات الإسرائيلية تحترم هذه الرعية لغاية اللحظة”.
عاد البابا بالذاكرة إلى بداية حبريته عندما كانت الحرب مستعرة في سورية وعندما دعا إلى الصلاة على نية السلام في ساحة القديس بطرس، وشارك في الصلاة مسيحيون ومسلمون على حد سواء. وحذّر فرنسيس من مغبة التصعيد العالمي الذي سيؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا، وعبر عن اعتقاده بأن الحكمة البشرية قادرة على وقف كل ما يجري، خصوصا وأن الحرب تعنينا جميعاً نظراً لما تمثّله إسرائيل وفلسطين والأرض المقدسة والقدس، وهذا بالإضافة إلى أوكرانيا ومناطق أخرى تشهد صراعات شأن كيفو، واليمن وميانمار. لم تخلُ كلمات البابا من الحديث عن معاداة السامية التي ما تزال موجودة ويمكن رؤيتها وسط الشبان، ما يعني أن معاداة السامية ليست وللأسف جزءا من الماضي.
ردا على سؤال بشأن الحرب الدائرة في أوكرانيا ومبادرات السلام للكرسي الرسولي، قال الحبر الأعظم إن الشعب الأوكراني هو شعب شهيد، تعرض للاضطهاد الشديد في ظل حكم ستالين. ودعا الطرفين المتنازعين إلى التوقف عن القتال، والبحث عن اتفاق سلام، لأن الاتفاقات تشكل الحل الحقيقي لهذا الصراع. وذكّر بالزيارة التي قام بها إلى السفارة الروسية غداة اندلاع الحرب، حيث عبر عن استعداده للقاء الرئيس بوتين إذا كان ذلك مفيدا، مضيفا أن السفارة عملت على إطلاق بعض الأسرى، بيد أن الحوار توقف عند هذا الحد، وقال إنه تلقى رسالة من وزير الخارجية الروسي لافروف شكره فيها على استعداده لزيارة موسكو، لكنه أكد أن الزيارة ليست ضرورية.
هذا ثم تحدث البابا عن مسألة الهجرة وقال إنه ابنُ مهاجرَين في الأرجنتين، هذا البلد الذي يتألف من المهاجرين من إيطاليا، إسبانيا، أوكرانيا والشرق الأوسط. وأضاف أن وضع الهجرة مأساوي اليوم، وثمة خمس دول تعاني أكثر من غيرها من الهجرة وهي قبرص، اليونان، مالطا، إيطاليا وإسبانيا. ولفت إلى المعاناة التي يعيشها المهاجرون الأفارقة في مخيمات الاعتقال الليبية. وشدد على ضرورة أن تكون أوروبا متضامنة مع هؤلاء الأشخاص، وعلى الحكومات الأوروبية أن تجري حواراً فيما بينها كي لا يقع العبء الأكبر على البلدان الخمسة، مؤكدا أن سياسة الهجرة عليها أن تكون بناءة من أجل خير البلد المضيف ومن أجل خير المهاجرين أنفسهم. وأشاد في هذا السياق بمواقف رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين التي زارت مؤخرا جزيرة لامبدوزا للاطلاع على أوضاع المهاجرين.
بعدها طُلب من البابا أن يقيّم أعمال السينودس الذي انتهى للتو، وقال إن نتائجه كانت إيجابية، وتم التطرق خلاله إلى مواضيع عدة وبحرية تامة، وقد تمخضت عن الأعمال وثيقة نهائية سينكب القيمون على دراستها قبل الجلسة المقبلة لسينودس الأساقفة. في الختام أعلن البابا أنه سيزور دبي من الأول وحتى الثالث من الشهر المقبل لمناسبة انعقاد قمة المناخ “كوب ٢٨”، وذكّر بزيارته إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ حيث سُئل عن التزامه لصالح البيئة، وانعكس هذا الالتزام من خلال صدور الرسالة العامة “كن مسبحا” قبل مؤتمر باريس حول المناخ. وشدد على ضرورة وقف كل الممارسات المخلة بالبيئة مؤكدا أن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا هو على المحك ولا بد من تحمل المسؤولية.